Príncipes de la elocuencia
أمراء البيان
Géneros
[112_2]
فإن احتجان الحديث بعد افتتاحه سخف وغم.
14 - ومما قال: لتعرف العلماء حين تجالسهم أنك على أن تسمع أحرص منك على أن تقول. إن آثرت أن تفاخر أحدا ممن تستأنس إليه في لهو الحديث فاجعل غاية ذلك الجد، ولا تعدون أن تتكلم فيه بما كان هزلا، فإذا بلغ الجد أو قاربه فدعه، ولا تخلطن بالجد هزلا وبالهزل جدا، فإنك أن خلطت بالجد هزلا هجنته، وإن خلطت بالهزل جدا كدرته، غير أني علمت موطنا واحدا إن قدرت أن تستقبل متورد بالسفه والغضب، فتجيبه إجابة الهازل برحب من الذرع، وطلاقة من الوجه، وثبات من النطق.
15 - وقال وهو مما يجب على كل عاقل أن يجعله نصب عينه، ويتأدب بأدبه. يحرز من سكر السلطة، وسكر العلم، وسكر المنزلة، وسكر الشباب، فإنه ليس من هذا شيء إلا وهو ريح جنة تسلب العقل، وتذهب الوقار وتصرف القلب والسمع والبصر واللسان عن المنافع.
16 - وقال فيما ينبغي أن يكون عليه المرء من الأخلاق: ذلل نفسك بالصبر على جار السوء، وعشير السوء، وجليس السوء، فإن ذلك ما لا يكاد يخطئك، فإن الصبر صبران، صبر الرجل على ما يكره وصبره عما يحب، فلصبر على المكروه أكثرهما وأشبههما أن يكون صاحبه مضطرا، واعلم أن اللثام أصبر أجسادا، والكرام أصبر نفوسا، وليس الصبر الممدوح بأن يكون جلد الرجل وقاحا، أو رجله قوية على المشي، أو يده قوية على العمل، فإنما هذا من صفات الحمير، ولكن أن يكون للنفس غلويا، وللأمور محتملا، وفي الضر متجملا، ولنفسه عند الرأي والحفاظ مرتبطا، وللحزم مؤثرا، وللهوى تاركا، وللمشقة التي يرجو عاقبتها مستخفا وعلى وجاهدة الأهواء والشهوات مواظبا، ولصبره بعزمه منفذا.
ومما قال: لا تعتذرون إلا من يجب أن يجد لك عذرا، ولا تستعين إلا بمن يحب
Página 112