Príncipes de la elocuencia
أمراء البيان
Géneros
[102_2]
المقفع.
وللصداقة شروط ذكرها ابن المقفع بقوله: انظر في حال من تريده لإخائك، فإن كان من إخوان الدين فليكن فقيها ليس بمراء ولا حريص، وإن كان من إخوان الدنيا فليكن حرا ليس بجاهل ولا كذاب، ولشرير ولا مشنوع، فإن الجاهل أهل لأن يهرب منه أبواه، والكذاب لايكون أخا صادقا، لأن الكذب الذي يجري على لسانه إنما هو من فضل كذب قلبه، وإنما سمي الصديق من الصدق، وقد يتم صدق القلب، وإن صدق اللسان، فكيف إذا ظهر الكذب على اللسان، وإن الشرير يكسبك العدو، ولا حاجة لك في صداقة تجلب العداوة، وإن المشنوع شانع نفسه.
وما نظن أن من اتهموا ابن المقفع بدينه، إلا من الفقهاء المرائين، الذين اشترط هو أن لا يكون منهم الفقيه الذي يركن إليه المصاحب، وهذه الطبقة من الفقهاء كانت في كل عصر علة توقف العقل، ونشوب فتن سالت فيها الدماء أنهارا على غابر الأيام، وقد تعوذ الله من شرهم علماء الأمة، وأبانوا مساويهم ومصانعتهم للملوك، يحملون إليهم من سلعهم ما يروجونه عليهم بكل حيلة، ولا يرون الخير إلا فيما هم فيه بسبيل، ينكرون فضل الله على العاملين بتعدد الخصائص والاستعدادات.
ليس ابن المقفع أول من رمي بالإلحاد؛ فتاريخ الفكر الإسلامي يذكر أخبار من وقع اتهامهم بهذه التهمة من نوابغ الأمة، على حين كانوا أعظم أنصار الدين كالجاحظ، وفي القرون التالية اتهم بهذه التهمة عشرات من كبار العلماء، وأن ما كتبوه ليشهد لهم أن أعداءهم ظلموهم في هذه التهم، وظهر بعد أن عذبوا في حياتهم، أنهم كانوا من المخلصين في خدمة الدين، وأن أولئك الثرثارين الذين طوتهم الأرض ولا أثر لهم في دنيا ولا دين، كانوا يحسدون أولئك المؤمنين، فانتقموا لأنفسهم بأن ضربوهم في أقدس الأشياء عندهم.
صحة الإيمان وحب الإسلام صفتان ماثلتان في ابن المقفع، مهما تقول عليه
Página 102