وأخذتها سنة من النوم، فأقبلت مينرفا الكريمة في رؤيا عجيبة تواسيها وتذهب عنها طائف الحزن، فتزيت بزي الأميرة المفتان أفتيما، ابنة البطل الكبير إيكاريوس، ثم وقفت عند رأسها وشرعت ترسل هذه الأحلام:
قدر غير قليل من أفخر الأشربات وأشهى الآكال وحفاوة مبالغ فيها.
أهكذا تنامين ملء عينيك الجميلتين يا بنلوب العزيزة؟ ليفرخ روعك، وليصف بالك؛ فالسماء ترعى ولدك، وهو عائد إليك عما قريب، إنه لم يقترف شيئا مما يغضب الآلهة؛ ولذا فهي تكلؤه وترعاه وتحفظه، فقري عينا واسلمي وانعمي.
وتقول بنلوب إذ هي تحلم: «من؟ أفتيما؟ عجبا فيم قدمت يا أختاه وقد ندر ما كنت تلمين بهذا القصر؟ ألتواسيني وتسليني؟ لقد تكاثرت الأحزان على قلبي، وتكسرت النصال على النصال؛ لقد فقدت زوجي، أسد هيلاس وفخر آرجوس وعزي الأبدي، ثم ها أنا ذا أنتفض فرقا على ولدي؛ ولدي الطري الفينان الذي لا قدرة له ولا احتمال، في هذا البحر اللجي، لقد أقلعت به سفينة كأنها تسبح في بحر من دمي وأحزاني، وها قد تعقبه الأشرار في سفينة أخرى يريدون غيلته قبل أن يرتد إلى وطنه.»
وتجيبها مينرفا: «لا عليك يا ملكة ولا عليه هو الآخر، إن معه راعيا يحفظه ويوقيه، راعيا يتمنى الجميع أن يكونوا في رعايته أبدا؛ مينرفا، إنها أيضا تبشرك وترفه عنك، وأنا هنا رسولها إليك أقبلت بأمرها أواسيك.»
وهلعت بنلوب ثم قالت: «وي! أما إنك إذن لربة وقد كلمتك الأرباب! ألا قصي علي إذن ما كان من أمر رجلي؛ ألا يزال حيا يرزق؟ أم تخطفته يد المنون؟»
وتضاحك الشبح العابس فقال: «لا، ليس الآن لن أذكر لك إذا كان رجلك لا يزال حيا أو أنه قد قضى. ما لنا ولذلك؟»
ثم رفت في ظلام الغرفة وصعدت في سماء الأحلام.
ونهضت الأم وقد سري عنها بهذا الحلم، وانجاب كابوس الهم الذي كان يجثم على قلبها.
وأقلع العشاق بفلكهم في اليم المضطرب، كل تحدثه نفسه بمقتل تليماك حتى كانوا عند برزخ إستريس بين ساموس وإيثاكا، فأرسوا ثمة يتربصون .
Página desconocida