13
غلالتها الذهبية في مشرق الأفق، فاستوى نسطور على عرشه المرمري المتألق عند بوابة القصر، حيث كان أبوه تليوس يجلس كإله للنظر في صوالح العباد، وأقبل بنوه الستة ومعهم تليماك الذي جلس إلى جنب أبيهم، وتحدث إليهم نسطور فقال: «هلموا يا بني، لنذبح القربان المقدس باسم مينرفا الكريمة التي باركت حفلنا أمس، لينطلق أحدكم إلى الحقل فليحضر ثورا
14
سمينا، وليذهب آخر فليدع رجال تليماك - إلا اثنين - من السفينة، وليمض ثالث فليأت بالصناع الفنان «ليرسيوس» ليجلل قرني القربان بالذهب، وليبق الآخرون هنا ثم لتحضر كل حاشيتنا من النساء ليكسبن الوليمة بهجة ورواء.»
وأطاع أبناؤه الأوفياء وأحضر القربان وأقبل الملاحون الأمناء، ثم قدم الفنان ليغطي قرني البهيمة بالذهب، ثم وافت مينرفا؛ مينرفا نفسها لتشهد الطقوس التي تقام باسمها. وبدأ الفنان عمله فأخذ يرقق صفائح الذهب ويثبتها بمهارة في القرنين الصغيرين، وتقدم أريتوس بن نسطور وفي إحدى يديه باقة كبيرة من الزهر وفي الأخرى سلة من أفخر أنواع الكعك، وتقدم ابنه الثاني تراسيميد وفي يده شاطور كبير ليذبح الثور، ووقف قبالته يرسيوس يتلقى الدم في وعاء كبير، ونهض نسطور الأب فسبح وصلى أمام نار كبيرة مضرمة، وتمتم باسم مينرفا، وقذف في اللظى بكعكتين كبيرتين وبناصية القربان، وبقدر قليل من الماء المقدس. وإذا انتهى الجميع من صلاتهم شمر تراسيميد عن ساعده وجزر القربان، وانكب الجميع يجهزونه، وكانت يوريديس الجميلة المفتان تعنى أشد عناية بالفخذين، فسترتهما بثوب غال من الديباج، وكان نسطور نفسه ينثر الخمر المقدسة والعطور والأرواح، وهكذا أخذ الجميع في شغلهم، وشرعوا يلقون في الجمر بالحوايا، وشرعت بوليكاست تنثر البهار والتوابل. وتهادى تليماك بعد هذا فاستوى إلى جنب الملك، وانتصب الولدان والندامى يصبون الخمر، وبدأ الكل يأكلون هنيئا ويشربون مريئا.
وما كادوا يفرغون حتى أمر نسطور فهيئت الصافنات الجياد لرحيل تليماك، وأحضر القواص عربة كبيرة مثقلة بكل ما تحتاج الرحلة من زاد وعتاد.
وأخذ تليماك مكانه من العربة الأولى، واستوى إلى جانبه بيزستراتوس أشجع أبناء نسطور، ثم سلم تليماك وودع وشكر وأثنى، وجذب أعنة الخيل فانطلقت تنهب الرحب، وتبعد عن بيلوس وتطوي الزمان.
وبلغوا مع مغرب الشمس فيريه حيث تلقاهم رب البيت بالبشر والترحاب، وباتوا عنده حتى أيقظتهم أورورا المشرقة، فواصلوا رحلتهم إلى أسبرطة.
يممت مينرفا ربة العدالة شطر البحر وقصدت المرفأ.
العشاق يتآمرون
Página desconocida