وقد أفلحت بينيلوبي، المخلصة في مراوغتهم ثلاث سنوات بأن احتجت بأنها لا بد وأن تنسج كفنا للايرتيس والد أوديسيوس العجوز، ثم تفصل في الأمر بعد أن يتم، ولكنها كانت تحل بالليل ما تنسجه بالنهار. وأخيرا وشى بها خدامها وأطلعوا راغبي الزواج على حيلتها، وتحرجت الحال لآخر درجة، حتى عاد أوديسيوس في ثوب سائل، فتعرفت عليه زوجته مستعينة بعدة علامات، وابتهجت بعودة أوديسيوس ورجوع سعادتها وهنائها.
كيف صور الشاعر زوجة البطل؟
كانت بينيلوبي إذن تعتبر مثال الزوجة المخلصة التقية، الصالحة الوفية التي صورها هوميروس في الأوديسة كامرأة رائعة الجمال حميدة الخصال، كريمة ذكية فطنة وفية، محبة لزوجها وابنها محترمة في بيتها، ماهرة في الفنون التربيبية، تتحمل المصائب بجلد وروية، رقيقة الإحساس موقرة بين الناس.
أوديسيوس يتظاهر بالجنون
هيلينا وباريس.
نعود الآن إلى المغوار أوديسيوس لنذكر لك شيئا عن مغامراته وأحاييله.
لما خطف «باريس»
«هيلينا» من زوجها «مينيلاوس»
Menelaus ، قامت الحرب الطروادية. وبالرغم من محاولات أوديسيوس السابقة لحماية مصالح هيلينا وزوجها، كان غير راغب في الذهاب إلى الحرب، فتظاهر بالجنون وصار يحرث مع الحيوانات التي لا يمكن وضع النير فوق أعناقها، وأخذ يبذر الملح كأنه يبذر بذورا، ولكن «بالاميديس»
أحد أبطال الإغريق، أدرك هذه الحيلة واتهم أوديسيوس بادعاء الجنون، وبرهن على صحة قوله بأن وضع تيليماخوس - ابنه الوحيد - في طريق المحراث ليرى هل سيتفادى أوديسيوس ابنه. وترتب على ذلك أن ذهب أوديسيوس إلى الحرب تطن في آذانه النبوءة المحزنة القائلة بأنه سوف لا يرجع إلى بلده إلا بعد عشرين عاما، ويكون وحيدا معوزا مجهول الشخصية فاقدا جميع سفنه ورفاقه.
Página desconocida