Los métodos judiciales en la política legislativa

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
61

Los métodos judiciales en la política legislativa

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Editorial

مكتبة دار البيان

Número de edición

بدون طبعة وبدون تاريخ

سُبْحَانَهُ قَالَ: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] وَلَمْ يَقُلْ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ. فَيَكُونُ فِيهِ الْخِيَارُ، كَمَا جَعَلَهُ فِي الْفِدْيَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] وَمِثْلُ مَا جَعَلَهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِإِطْعَامِ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كُسْوَتِهِمْ أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ فَهَذِهِ أَحْكَامُ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي آيَةِ الدَّيْنِ. وَلَكِنَّهُ قَالَ فِيهَا كَمَا قَالَ فِي آيَةِ الْفَرَائِضِ: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء: ١١] وَكَذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ هَاهُنَا: ﴿إِنْ لَمْ يَكُنْ﴾ [النساء: ١٢] كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الشَّهَادَةِ ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] كَذَلِكَ قَالَ فِي آيَةِ الطُّهُورِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٦] وَفِي آيَةِ الظِّهَارِ ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] وَكَذَلِكَ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ: أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ الْوَاجِدَ. فَأَيُّ الْحُكْمَيْنِ أَوْلَى بِالْخِلَافِ: هَذَا أَمْ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مِنْ اللَّهِ اشْتِرَاطُ مَنْعٍ، إنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ، ثُمَّ فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ؟ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ وَجَدْنَا فِي حُكْمِهِمْ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا، وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي رَضَاعِ الْيَتِيمِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، وَلَهُ خَالٌ وَابْنُ عَمٍّ مُوسِرَانِ: إنَّ الْخَالَ يُجْبَرُ عَلَى رَضَاعِهِ، لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ التَّنْزِيلُ غَيْرَهُ فَقَالَ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] . وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ لَا مِيرَاثَ لِلْخَالِ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ، ثُمَّ لَمْ نَجِدْ هَذَا الْحُكْمَ فِي السُّنَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ وَجَدْنَا الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي آثَارٍ مُتَوَاتِرَةٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمِنْ التَّابِعِينَ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَوْلًا أَسْرَفَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: أَرُدُّ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِهَا، لِأَنَّهُ خَالَفَ الْقُرْآنَ. فَقُلْت لَهُ: اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْت: أَحَتْمٌ مِنْ اللَّهِ أَلَّا يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؟ قَالَ: فَإِنْ قُلْته؟ قُلْت: فَقُلْهُ. قَالَ: قَدْ قُلْته. قُلْت وَتُحَدِّدُ فِي الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَمَرَ اللَّهُ بِهِمَا حَدًّا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُرَّانِ مُسْلِمَانِ بَالِغَانِ عَدْلَانِ. قُلْت: وَمَنْ حَكَمَ بِدُونِ مَا قُلْت خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت لَهُ: إنْ كَانَ كَمَا زَعَمْت، خَالَفْت حُكْمَ اللَّهِ، قَالَ: وَأَيْنَ؟ قُلْت: أَجَزْتُ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهُمْ غَيْرُ الَّذِينَ شَرَطَ اللَّهُ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُمْ. وَأَجَزْت شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا عَلَى الْوِلَادَةِ، وَهَذَانِ وَجْهَانِ أَعْطَيْت بِهِمَا مِنْ جِهَةِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ أَعْطَيْت بِغَيْرِ شَهَادَةٍ فِي الْقَسَامَةِ وَغَيْرِهَا. قُلْت: وَالْقَضَاءُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَيْسَ يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّهِ، بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ اللَّهِ، إذْ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى طَاعَةَ رَسُولِهِ، فَإِنْ اتَّبَعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَعَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قُبِلَتْ، كَمَا قُبِلَتْ عَنْ رَسُولِهِ. قَالَ: أَفَيُوجَدُ لِهَذَا نَظِيرٌ فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْت: نَعَمْ. أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْوُضُوءِ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ، أَوْ مَسْحِهِمَا فَمَسَحْنَا عَلَى الْخُفَّيْنِ بِالسُّنَّةِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥]

1 / 63