160

Los métodos judiciales en la política legislativa

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Editorial

مكتبة دار البيان

Número de edición

بدون طبعة وبدون تاريخ

مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَقَدْ لَا يُحْضِرُ الْمُوصِي إلَّا كُفَّارًا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنَّ تَقْيِيدَهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَضْيِيقَ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ، مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لِعُمُومِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ وَكَافِرَتَيْنِ؟ قِيلَ: لَا نَعْرِفُ عَنْ أَحَدٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، فَإِنَّ الْأَمْوَالَ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ يَحْتَجُّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: «أَلَيْسَتْ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» (١٤٦) وَهَذَا الْعُمُومُ جَوَّزَ الْحُكْمَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ كَوَافِرَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، إذَا لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا النِّسَاءُ بَلْ هُوَ مَحْضُ الْفِقْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يُنْقَضُ حُكْمُ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ؟ . قِيلَ: أُصُولُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي نَقْضَ حُكْمِهِ، لِمُخَالَفَتِهِ نَصَّ الْكِتَابِ.
قَالَ شَيْخُنَا ﵁ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " الْمُحَرَّرِ ": وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُنْقَضَ حُكْمُ الْحَاكِمِ إذَا حَكَمَ بِخِلَافِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِدَلَالَاتٍ ضَعِيفَةٍ.
[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ]
٨٣ - (فَصْلٌ)
الطَّرِيقُ الثَّامِنَ عَشَرَ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ [المائدة: ٨]، وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النساء: ١٣٥] وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ يَكُونَ بِمَجْلِسِ الْحَاكِمِ، إلَّا شَيْئًا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَوْزِيُّ فِي كِتَابِ النَّوَادِرِ " لَهُ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا أُجِيزُ إقْرَارًا فِي حَقٍّ أَنْكَرَهُ الْخَصْمُ عِنْدِي إلَّا إقْرَارًا بِحَضْرَتِي، - وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ لَمَّا كَانَ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ لَهُ مَجْلِسُ الْحُكْمِ، كَالْحُكْمِ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.
٨٤ - (فَصْلٌ)
وَيَحْكُمُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ فِي مَجْلِسِهِ إذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، فَإِنَّ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ مَجْلِسُ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ، وَقَدْ جَلَسَ لِذَلِكَ، وَقَدْ أَقَرَّ الْخَصْمُ فِي مَجْلِسِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ غَيْرَهُ يَسْمَعُ مَعَهُ شَهَادَتَهُمَا، فَإِنَّ هَذَا مَحَلُّ وِفَاقٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْكُمُ بِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ؛ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ

1 / 162