El Legado Clásico: Una Breve Introducción
التراث الكلاسيكي: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
ومظهرك الشبيه بحوريات البحار إلى منزلي،
إلى المجد الذي كانت اليونان عليه،
والعظمة التي كانت روما عليها.
يمكننا أن ندرج تحت هذا الشعار بقايا الآثار الباذخة التي أنفق عليها الأباطرة الكثير، مثل الكولوسيوم والبانثيون وعمود تراجان وما شابهها (انظر الخريطة رقم
4 )، لكن ما كان حقا موضع إعجاب في الثقافة الرومانية هو الجيل الأول من حكم أغسطس؛ فمن المعتقد أن هذا الجيل هو الذي شهد وقف الثورة، واستعادة السلم تحت سطوة حكومة قوية، وكتبت فيه الأعمال العظيمة للأدب الكلاسيكي (أغلب شعر فرجيل وهوراس، وتاريخ ليفيوس العظيم لروما)، وعملت فيه ملكية أبوية بالتناغم مع أرستقراطية متجددة وعامة ممتنون.
أغلب النخب الأوروبية، حتى نهاية القرن الثامن عشر على الأقل، نظرت إلى «التسوية» الملكية/الرئاسية الأغسطية بوصفها «الموازنة» السياسية المثالية. لكن كانت هناك نماذج أخرى في روما، إما للاقتداء بها أو الاتعاظ منها. فالناس يقرءون كتابات تاسيتوس، مؤرخ الأباطرة العظيم، ويسعدون بإداناته الساخرة للأهوال التي ارتكبها كاليجولا الذي لا يتورع عن سفاح القربى، وميسالينا الشبقة، ونيرون المنحرف جنسيا، وهي مادة مناسبة للغاية كذلك لوسائل الترفيه الحديثة، سواء على المسرح أم في الحانات أو السينما. وهم يتخيلون أن يكونوا في موضع شيشرون، أعظم الخطباء المفوهين وكتاب النثر اللاتيني بالجمهورية، حين طغى الكابوس القيصري على عالمه، وقطع رأسه ويده التي يكتب بها بواسطة جنود أنطونيوس وسمرتا في المجلس الذي اعتاد فيه توجيه العديد من الإهانات له.
ومن هذا المنطلق أعلن الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون أن تاسيتوس هو «أول كاتب في العالم بلا استثناء ... وأقوى كاتب في العالم.» وعلى غرار الثوار الفرنسيين، نظر الآباء المؤسسون الأمريكيون إلى الماضي، بمعاونة كتابات ليفيوس، بعيدا عن الملكية (مهما حاول أغسطس إخفاءها)، إلى أبطال الجمهورية الرومانية الأوائل؛ فجورج واشنطن، على سبيل المثال، أقر بأنه يسير على نهج سينسيناتوس، الذي اشتهر بكونه استدعي من عمله كمزارع كي يصير مستشارا (كبير المشرعين) للجمهورية، وبعد أن أنقذ الدولة عاد مباشرة إلى مزرعته المتواضعة دون أن يفكر مطلقا في التمسك بالسلطة ... إن التراث الكلاسيكي شهد بالنماذج الكلاسيكية وهي تزدهر وتسقط، وتخضع للمراجعة والتنقيح على نحو متواصل، وتخضع للجدال؛ إما في حد ذاتها وإما بسبب ما كانت تعنيه.
بمقدور جيفرسون أن يعبر عن النظرة التي ظلت سائدة منذ أيامه حين يقول: «إن الأحزاب السياسية عينها التي تربك الولايات المتحدة ظلت موجودة طوال الوقت. فمسألة ما إن كان ينبغي أن تكون السلطة للشعب أم للأرستقراطيين أبقت دولتي اليونان وروما في اضطراب أبدي، تماما مثلما تشغل الآن كل من عقولهم وأفواههم مغلقة بسبب قهر الطواغيت.» لكن تدبر هنا أن التعبير «سلطة الشعب» هو ترجمة قريبة إما لكلمة «ديمقراطية» الأثينية، أو «الملكية العامة» الرومانية. ربما ظهرت «الديمقراطية» الآن بوصفها المثل المؤكد لكل دولة، بيد أن التعبير عن السياسة الحديثة من منظور النماذج الكلاسيكية ولد قراءات متناقضة بشكل عريض للعالم القديم، علاوة على استغلالات متناقضة بشكل عريض لمجتمعنا العالمي. وهذه القراءات تتراوح من «الشيوخ» الموجودين في مبنى الكابيتول في واشنطن (المسمى على اسم الهضبة الرئيسة في روما)، إلى المذهب الجمهوري للماركسية، وفاشية موسوليني في إيطاليا؛ حيث نودي باستعادة أغسطية «للشعب الإمبراطوري». جاء مصطلح الفاشية من كلمة
fasces ، بمعنى حزمة القضبان المربوطة على فأس، وهي رمز للسلطة المخولة لمجلس الجمهورية الرومانية، والتي بمقتضاها يمكن جلد المواطنين غير المطيعين وقطع رءوسهم. وقد اتخذ جيفرسون هو الآخر من شارة الضبط الصارم هذه عينها رمزا لولاية فيرجينيا التي جاء هو وواشنطن منها.
فقدت روما الإمبراطورية على نحو مطرد جاذبيتها بوصفها مثلا يحتذى، وذلك لصالح (نسخة منقحة للغاية من) الديمقراطية الأثينية، لكن في خلال هذه العملية صارت أوجه الشبه بين الثقافة الإمبراطورية لروما وبين ظروفنا تحمل أهمية قصوى. فشأنها شأن أثينا، بنت الجمهورية الرومانية بالفعل مسرحها الخاص بها، لكن لم يجرؤ الرومان قط على الإقدام على الشكل التنافسي، وكثيرا ما عدلوا النصوص الإغريقية بدلا من أن يكتبوا مباشرة عن ثقافتهم. كانت المشاهد المميزة لهم هي مشاهد «النصر»، التي فيها يستعرض القادة المنتصرون أسراهم وغنائمهم وقواتهم في أرجاء المدينة وصولا إلى هضبة الكابيتولين كي يقدموا شكرهم إلى الإله جوبيتر «الأفضل والأعظم»، إضافة إلى ذلك كانت هناك المشاهد المبهرة الطاغية لمباريات المجالدين. كل شخص يعرف هذا النوع من المشاهد، الذي استخدمته روما كي تستعرض نفسها أمام نفسها؛ إذ صار «المجالدون» محل تركيز الانجذاب الشعبي للعالم القديم وكذلك، في استنساخ رديء (إذ لا يموت أي من المتقاتلين)، اسما لبرنامج ألعاب شهير يبثه التليفزيون الأمريكي في أرجاء العالم. لكن المجالدين الرومان كانوا هم أيضا شكلا رديئا من أشكال الترفيه، رياضيين أبطالا يؤدون تمثيلية حربية، ويذبحون بغرض إمتاع الجماهير في عطلة رومانية. هل هذا هو المصير الذي ينتظر أي عالم ما بعد إمبراطوري؟ الترفيه حتى الموت؟
Página desconocida