70

Patrimonio en la Interpretación

تراث أبي الحسن الحرالي المراكشي في التفسير

Investigador

محمادي بن عبد السلام الخياطي، أستاذ بكلية أصول الدين تطوان

Editorial

منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Ubicación del editor

الرباط

ولما كان متاع الخلق في الأرض إلى حين، وشغل أكثرهم أكلهم وتمنعهم، وأنهاهم أملهم عن حظهم من الحنيفية، بما أوتي العقل من التبليغ عن الله نظرا واعتبارا - اصطفى الله، سبحانه، من الحنفاء الذين قرأوا كتاب الخلق منبهين على النظر الذي اشتغل عنه المعرضون، وأنف منه واستكبر عنه المدبرون، وأكدوا تنبيههم بما اسمعوهم من نبأ ما وراء يوم الدنيا من أمر الله في اليوم الآخر، وما تتمادى إليه أيام الله، وذكروهم بما مضى من أيام الله، وأنزل الله، سبحانه، معهم كتبا يتلونها عليهم، ويبينونها لهم علما، وعملا، وحالا، فقبل ما جاءوا به وصدقه واستبشر به الحنفيون، وأنذر به المدبرون والمعرضون: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ﴾ آمن من تنبه للنظر والاعتبار، وألقى السمع وهو شهيد، وكفر من آثر متاعه بالعاجلة التي تراها الأعين على وعد الله ووعيده في الآجله التي إنما يعيها القلب، وتسمعها الأذن، وكما شغل المدعوين إلى الإسلام كفرهم ودنياهم، كذلك شغل المولدين في الإسلام غفلتهم ودنياهم، لعبهم في صباهم، ولهوهم في شبابهم، وتفاخرهم في أشدهم واستوائهم، وتكاثرهم في الأموال في اكتهالهم، وتكاثرهم في الأولاد في شيخهم، فاشترك المدعو إلى الإسلام، والمولد فيه الغافل، في عدم الإقبال والقبول، وفي ترك الاهتمام بالآجلة، واقتصارهما على الاهتمام بالعاجلة، وكلاهما جعل القرآن وراء ظهره، المدعو لفظا وعلما، والمولد الغافل علما وعملا، فلم يسمعه المدعو، ولم يفهمه الغافل، فجعله بالحقيقة وراء ظهره، ومن جعل القرآن خلفه ساقه إلى النار، وإنما جعله أمامه من قرأه علما وحالا وعملا،

1 / 91