أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ إلى سائر ما أخبر فيه عن تنزلات أمره وتسوية خلقه، وما أخبر عنه حبيبه محمد، ﷺ، من محفوظ الأحاديث التي عرف بها أمته ما يحملهم في عبادتهم على الانكماش والجد والخشية والوجل والاشفاق، وسائر الأحوال المشار إليها في حرف المحكم، من نحو حديث النزول والنعلين والصورة والضحك والكف والأنامل، وحديث التقرب بالنوافل، وغير ذلك من الأحاديث التي ورد بعضها في الصحيحين، واعتنى بجمعها الحافظ المتفنن أبو الحسين الدارقطني ﵀، ودون بعض المتكلمين جملة منها لمقصد التأويل.
وشدد النكير في ذلك أيمة المحدثين، يؤثر عن الإمام أحمد بن حنبل ﵁، أنه قال: آيات الصفات، وأحاديث الصفات صناديق مقفلة، مفاتيحها بيد الله، تأويلها تلاوتها، وعلى ذلك أيمة الفقهاء وفتياهم لعامة المؤمنين.
والذي أجمعت عليه الصحابة ولقنته العرب كلها أن ورود ذلك من الله، ومن رسوله، ومن الأيمة، إنما لمقصد الإفهام، لا لقصد الإعلام، فلذلك لم تستشكل الصحابة منه شيئا قط، بل كلما كان وارده عليهم أكثر، كانوا به أفرح، وللخطاب به أفهم، حتى قال بعضهم، لما ذكر النبي، ﷺ: "أن الله يضحك من عبده"
1 / 85