وجامع منزله بحسب ترتيب القرآن قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾.
ومن أوائله بحسب ترتيب البيان - والله أعلم - ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ الآية، وسائر الآيات الواردة في سورة النحل، وفي سورة "يس" إذ هي القلب الذي منه مداد القرآن كله، في قوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ﴾ الآيات، إلى سائر ما في القرآن من نحوه.
وفي متسع حلال هذا الحرف وقعت الفتنة على الخلق بمازين لهم منه: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ الآية.
ووجه فتنته أن على قدر التبسط فيه يحرم من طيب الآخرة. ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾. "إنما يلبس هذه من خلاق له" ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ﴾ ومن رؤية سوء هذا المخسر نشأ زهد الزاهدين، ومن رؤية حسن المتجر وربحه وتضاعفه إلى مالا يدرك مداه ونعيمه في بيع خلاق الدنيا بخلاق الآخرة، نشأ ورع المورعين، فاستراحت قلوبهم بالزهد، وانكفوا بالورع عن الكد، وتفرغت قلوبهم وأعمالهم لبذل الجد، وتميز الشقي من السعيد بالرغبة فيه أو عنه، فمن رغب في الحلال شقي، ومن رغب عنه سعد.
وهو الحرف الذي قبض بسطه حرف النهي، حتى لم يبق لابن آدم حظ فيما زاد
1 / 72