الحكيم، بما يزيل عنايته من غطاء الأعين، ونبأ ما نزل من الذكر المبين، بما يسمع من يشاء بتأييده روح منه، فيندرج في علمه كل علم، من أصناف علم الخلق وعلم الأمر، طبعا وعقلا وإيمانا ويقيا، إذ فيه تفصيل كل شيء، وتنزيل كل وحي، ولذلك كان ختما لكل كتاب، ونبوة المنزل عليه ختما لكل نبوة ورسالة، كمل محمد، ﷺ في دار الدنيا قلبا، وفي ليلة الإسراء ذاتا: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ وذاته هي آية ربه الكبرى، "من عرف نفسه عرف ربه" ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾. وكمل آله قلبا ووجدا بوجد ذاته ليلة إسرائه، ومن دونه وآله يتكاملون بهم نشئا نشئا، وتماما تماما في الداربن "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". إلى ما شاء الله من سر قوله: ﴿أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾. وذلك من وراء آباد، والله واسع عليم. وقد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم على، ﵇، ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عن القلوب الحجاب، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء.
وإن كثيرًا من العلماء والأدباء والعقلاء خاضوا في علم القرآن تفسيرًا مما بدا منه في يوم الدنيا، وتأويلا لما يبدو منه في يوم الآخرة، وفهما لما هو عليه دائما، حيث لا ليل، ولا نهار.
فأما قوانين تفسيره ففي علم النحو والأدب، وأما قوانين تأويله ففي علم
1 / 26