بقوته وتقل بضعفه، لأنها لو فرصت لم يظهر فيها تفاوت قوة الإيمان وصدق الحب، كما لا يظهر بعد فرضها إلا في النوافل، ولإجهاد النبي، ﷺ، نفسه وبدنه في ذلك، أنزل عليه: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (٤) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾. إلى قوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾.
هذا التوحيد وإظهاره هو كان يومئذ المقصود الأول، وذلك قبل إسلام عمر، ﵁، وعمر موفي أربعين من عدد المؤمنين، فلما دخل الإسلام من لا يبعثه الحب والاستراحة على الصلاة بعد عشر أو نحوها، فرضت الصلاة، فاستوى في فرضها المحب والخائف، وسن رسول الله، ﷺ، التطوع على ما كان أصلها. وذلك صبيحة ليلة الإسراء.
وأول منزل هذا الحرف، والله أعلم، في فرض هذا الركن، أو من أول منزله، قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ اختص لهم بها أوقات الرحمة، وجنبهم بها أوقات الفتنة، ومنه جميع آي إقامة الصلاة وإتمامها.
الركن الآخر الصوم: وهو إذلال النفس لله بإمساكها عن كل ما تشوف إليه من خاص أمرها، نهارا للمقتصر، ودواما للمعتكف، وهو صلة بين العبد وبين نفسه، ووصل لشتاته في ذاته.
[وأول إنزال هذا الركن من هذا الحرف بالمدينة، بعد مدة من الهجرة] وأول منزله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾.
وإنما فرض، والله أعلم، بالمدينة، لأنهم لما أمنوا من عداوة الأمثال والأغيار، وعام
1 / 67