عن إدراكه، ووجوب تسبيح ربه عن تمثل عبده إلى أن يؤيده الله بتأييده.
فالحروف الخمسة للاستعمال، وهذا الحرف السادس للوقوف، ليكون العبد قد وقف لله بقلبه عن حرف، كما قد كان أقدم لله على تلك الحروف، ولينسخ بعجزه وإيمانه، عند هذا الحرف السادس، انتهاء ما تقدم من طوقه وعلمه في تلك الحروف ابتداء.
وأصل هذين الحرفين في الكتب المتقدمة كلها، وتمامها في القرآن. فهده الحروف الستة يشترك فيها القرآن مع سائر الكتب، ويزيد عليها تمامها وبركة جمعها، ويختص القرآن بالحرف السابع الجامع مبين المثل الأعلى، ومظهر الممثول الأعظم. حرف الحمد الخاص بمحمد، ﷺ، وبكتاب محمد، وهو حرف المثل، وعن جمعه وكمالة جمعه لمحمد في قلبه، وقرآنه على لسانه، وبيانه في ذاته، ظهرت عليه خواص خلقه الكريم، وخلقه العظيم، ولا ينال إلا موهبة من الله لعبده بلا واسطة، والستة تتنزل بتوسطات من استواء الطبع، وصفاء العقل، ومتانة وحي النبي، وإلهام الولي.
ولما كان حرف الحمد هو سابعها الجامع، افتتح الله، سبحانه، به الفاتحة أم القرآن وأم الكتاب، وجمع فيها جوامع الحروف السبعة التي بثها في القرآن، كما جمع في القرآن ما بث في جميع الكتب المتقدمة، كما ضرب الله، سبحانه، مثلها لنبيه، حيث أعلمه أن مثل الكتب المتقدمة كفضة كثيرة ثقلت على مريد السفر بها، فابتاع بها ذهبا، فذلك مثل القرآن، ثم ثقل عليه الذهب، فابتاع به جوهرًا، فذلك مثل أم القرآن، فإذن كمال الحروف الذي أنزل عليها القرآن موجود في جوامع أم القرآن:
فالآية الأولى تشتمل على حرف الحمد السابع، والثانية تشتمل على حرفي الحلال والحرام التي أقامت الرحمانية بهما الدنيا [والرحيمية الآخرة]، والآية الثالثة
1 / 59