الباب الأول
في بيان الأحرف السبعة
ويشتمل على تمهيد، وسبعة فصول، بحول الله تعالى.
القول في التمهيد: اعلم أن القرآن منزل عند انتهاء الخلق وكمال الأمر بدءًا، فكان المتخلق به جامعا لانتهاء كل خلق وكمال كل أمر، فلذلك هو، ﷺ، قثم الكون، وهو الجامع الكامل، ولذلك كان خاتما، وكان كتابه ختما، وبدأ المعاد من حد ظهوره ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾ فاستوى صلاح هذه الجوامع الثلاث، التي قد خلت في الأولين بداياتها، وتمت عنده غاياتها، "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهي صلاح الدين والدنيا، والمعاد الذي جمعها في قوله، ﷺ: "اللهم أصلح لي ديني، الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي".
وفي كل صلاح إقدام وإحجام، فتصير الثلاثة الجوامع ستة مفصلات هي حروف القرآن الستة التي لم يبرح يستزيدها من ربه حرفا حرفا، فلما استوفى الستة وهبه ربه حرفا جامعا سابعا فردًا لا زوج له، فتم إنزاله على سبعة أحرف، هي ما فسرها، ﷺ، في الحديث الوارد الغني عن تطلبها بالحدس، وفي بيانه، ﷺ، شفاء العي وثلج اليقين، ونور التبصرة، فأدنى تلك الحروف هو حرفا صلاح الدنيا، فلها حرفان:
1 / 57