وكذلك ما فوق سن الذين آمنوا من سن الذين يؤمنون، وهم، في أول حد القرب، بمنزلة بلوغ الأشد، وسن الذين آمنوا والناس في مدد حد البعد، ولذلك يخاطبون بحرف "يا" المرسلة إلى محل البعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.
وفوق ذلك سن المومنين، وأدنى قربا، ولذلك لم يرد في القرآن في خطابهم، ياء البعد، وهذه السن بمنزلة الاكتهال، وسن الشيب، وتمام سنهم المومنون حقا، وكذلك إلى سن المحسنين إلى غيب سن الموقنين، إلى ما وراء ذلك، فإن أسنان الجسم أرابع، وأسنان القلب أسابيع، يعرفها من تطور فيها، ويجهلها من ثبت سن قلبه على الجهل، وتطور سن جمسه إلى الهرم، "يهرم ابن آدم وتشب منه إثنتان: الحرص والأمل" فالحرص فقره، ولو ملك الدنيا، والأمل همه وتعبه، فمن لم يتحقق أسنان القلب، وتفاوت خطابها، لم ينفتح له الباب إلى فهم القرآن، ومن لم تتضح له تنزلات الخطاب لم يبق له خطاب الله من خطاب الرحمن، من خطاب الملك الديان.
فنذكر لذلك تطرقا في الباب الخامس، بحول الله، والتأييد بروح منه.
1 / 36