وأيضا من طريق المغالطة أن نسوق إلى مثل ذلك الشىء الذى فيه نلتمس وجود حجج. وهذا ربما كان ضروريا، وربما كان ضروريا فى الظاهر، وربما كان لا ضروريا، ولا ضروريا فى الظاهر. ويكون ضروريا إذا ما جحد المجيب شيئا مما ينتفع به فى الوضع، فجعل السائل الأقاويل فى ذلك الشىء، ويكون هذا شيئا من أمثال هذه الأشياء التى يلتمس الإنسان فيها وجود حجج. وكذلك إذا استقرى النظائر فى شىء من الأشياء بتوسط الموضوع فرام أن يبطله، لأن هذا إذا بطل بطل الموضوع أيضا. — ويكون ضروريا فى الظاهر إذا كان نافعا ومشاكلا للوضع، ولم يكن ينفع فى الشىء الذى فيه تكون الأقاويل، جحده المجيب، أو رام أن يبطله من الاستقراء الذائع الذى بالوضع يصير إليه. — فأما القسم الباقى، فإذا لم يكن الشىء الذى فيه الأقاويل لا ضروريا، ولا ضروريا فى الظاهر، وتعرض بجهة أخرى أن يفسخ على المجيب.
وينبغى أن نتوقى الوجه الأخير من الوجوه التى وصفناها. وذلك أنه يشبه أن يكون غريبا مباينا لصناعة الجدل ألبتة. ولذلك ينبغى للمجيب ألا يصعب الأمر، لكن يضع ما ليس بنافع فى الوضع بعد أن يبينه على ما ليس يعتقده، غير أنه يضعه وضعا. وذلك أنه أحرى أن يعرض للسائل فى أكثر الأمر أن يتشكك متى وضعت له هذه الأشياء بأجمعها، فلم ينتج منها شيئا.
Página 515