فأما المثبت فينبغى له أن يتقدم فيعترف بأنه إن وجد لشىء ما منه — أى شىء كان — فهو يوجد للجميع متى كانت المقدمة مقنعة. وذلك أنه ليس يكفى فى البيان على أنه يوجد للجميع القول بأنه يوجد لواحد، بمنزلة ما نقول إن كانت نفس الإنسان غير مائتة فكل نفس غير مائتة؛ فينبغى أن نتقدم فنقر بأنه إن كانت أى نفس وجدت غير مائتة، فكل نفس غير مائتة. وليس ينبغى أن نفعل هذا فى كل وقت، بل إنما ينبغى أن نفعله إذا لم نجد قولا واحدا عاما بقوله على الجميع، كما يقول المهندس إن ثلاث زوايا المثلث مساويات لقائمتين. فإن لم يذهب عليك أن الشىء على أنحاء كثيرة ففصله وانظر على كم نحو يقال، ثم حينئذ تثبت وتبطل. مثال ذلك أن الواجب إن كان هو النافع والجميل، فينبغى أن نلتمس فى الموضوع إما نثبيت الأمرين جميعا أو إبطالهما، أعنى أنه جميل ونافع، أو أنه لا جميل ولا نافع. وإن لم يمكن أن تبين كليهما، فينبغى أن تبين أحدهما، بعد أن تدل على أن هذا هو الموجود منهما، وهذا غير الموجود. والقياس 〈يكون〉 واحدا بعينه، إذ كانت الأشياء التى ينقسم إليها أكثر من اثنين.
Página 509