إن من المسائل ما هى كلية، ومنها ما هى جزئية. فالكلية مثل قولنا إن كل لذة خير وإنه ولا لذة واحدة خير. والجزئية مثل قولنا: قد توجد لذة واحدة خير، أو توجد لذة واحدة ليست خيرا. والتى تثبت وتبطل بالكلية مشتركة لجنسى المسائل كليهما. وذلك أنا إذا بينا أن الشىء يوجد للكل، نكون قد بينا أنه موجود للبعض. وكذلك إذا بينا أنه ليس يوجد ولا لواحد، نكون قد بينا أنه ليس يوجد للبعض. فينبغى أولا أن نتكلم فى التى تبطل إبطالا كليا من قبل أنها مشتركة للكلية والجزئية، ومن قبل أنها أخرى بأن تستعمل الأوضاع فيما يوجد أو مالا يوجد، ولأن الجدليين إنما من شأنهم أن يبطلوا الأقاويل. ومن أصعب الأمور أن تنعكس التسمية المشاكلة المأخوذة من العرض، وذلك أن الذى يكون بجهة من الجهات وليس بكل، فإنما يمكن أن يكون فى الأعراض وحدها. وذلك أنه واجب، ضرورة، أن يكون الانعكاس من الحدود ومن الخاصة ومن الجنس — مثال ذلك أنه إن وجد لشىء من الأشياء أنه حى مشاء ذو رجلين، كان الذى يعكسه فيقول: إنه حى مشاء ذو رجلين — صادقا. وكذلك أيضا من الجنس: فإنه إن وجد لشىء من الأشياء أنه حى فهو حى. ومثل هذا بعينه يوجد فى الخاصة أيضا. وذلك أنه إن وجد لشىء من الأشياء أنه قابل للنحو ، فهو قابل للنحو، إذ كان ليس يمكن فى شىء من هذه أن يكون إنما يوجد فى بعض الشىء، لكنه يوجد على الإطلاق أو لا يوجد. فأما فى الأعراض فليس يمنع مانع من أن يكون فى بعض الشىء بمنزلة البياض والعدالة. فإنه ليس يكتفى فى التبيين على أن الإنسان أبيض أو عادل بأن يتبين أن البياض أو العدالة يوجدان له. وذلك أنه قد يقع الشك فى أنه أبيض أو عادل فى شىء منه. فليس الانعكاس إذا بواجب فى الأعراض.
وينبغى أن نلخص الخطأ الواقع فى المسائل فنقول إنه صنفان: إما بأن يكذب فيها، وإما بأن يتجاوز اللفظ الموضوع فيها، وذلك أن الذين يكذبون يخطئون إذا قالوا فيما ليس بموجود لشىء إنه موجود له. وكذلك الذين يلقبون الأشياء بأسماء غريبة، فيسمون مثلا الدلبسة إنسانا — يتجاوزون التسمية الموضوعة.
Página 503