فينبغى أن نتخير المقدمات بحسب الأنحاء التى لخصت عليها المقدمة بأن نتصفح: إما آراء الجمهور، أو آراء أكثر الناس، أو آراء جميع الفلاسفة، أو أكثرهم، أو أهل النباهة، منهم، أو الآراء المضادة للظاهرة، وجميع الآراء التى فى الصنائع. وينبغى أن نقدم الآراء المضادة التى هى فى الظاهر ذائعة على جهة التناقض كما قلنا قبل. وليس إنما ننتفع عند الاختيار باستعمال الذائعة منها فقط، لكن والشبيهة بهذه أيضا — مثال ذلك قولنا إن العلم بالمتضادات واحد، لأن الحس بها كذلك، أو قولنا إن الحس بالمتضادات واحد بعينه، لأن العلم بها كذلك، وأنا أنما ننظر بأن نقبل شيئا فينا، لا بأن ندفع شيئا منا، لأن الأمر على هذا المثال يجرى فى الحواس الباقية. وذلك أنا إنما نسمع بأن نقبل فينا شيئا، لا بأن نخرج؛ وعلى ذلك المثال نشم ونذوق؛ وكذلك الحال فى سائر الحواس الأخر. وأيضا ينبغى أن نأخذ ما يظهر فى جميع الأمور أو فى أكثرها على أنه أصل ومبدأ ووضع مظنون. وذلك أنه قد يضعها الذين لا يفهمون فى أى شىء من الأشياء ليس هى كذلك. وينبغى أن نتخير أيضا من الأقاويل المثبتة فى الكتب ونثبت ما فى جنس جنس ونضعه ناحية — مثال ذلك أنك إذا أردت أن تبحث عن كل خبر بدأت من البحث بما هو وأثبت بآرائه آراء واحد واحد — بمنزلة ما نقول إن أنبادقليس يرى أن اسطقسات الأجسام أربعة؛ فإن لواضع أن يضع ما يقوله واحد من المشهورين.
Página 489