286

Tuhfat Mawdud

تحفة المودود بأحكام المولود

Investigador

عبد القادر الأرناؤوط

Editorial

مكتبة دار البيان

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٣٩١ - ١٩٧١

Ubicación del editor

دمشق

وَلما كَانَ مُفَارقَة كل مُعْتَاد ومألوف بالانتقال عَنهُ شَدِيدا على من رامه وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الِانْتِقَال دفْعَة وَاحِدَة فالجنين عِنْد مُفَارقَته للرحم ينْتَقل عَمَّا قد أَلفه واعتاده فِي جَمِيع أَحْوَاله دفْعَة وَاحِدَة وَشدَّة ذَلِك الِانْتِقَال عَلَيْهِ أَكثر من شدَّة الِانْتِقَال بالتدريج
وَلذَلِك قَالَ بقراط قد يعلم بِأَهْوَن سعي وأيسره أَن التَّدْبِير الرَّدِيء من الْمطعم وَالْمشْرَب إِذا كَانَ يجْرِي مَعَ رداءته على أَمر وَاحِد يشبه بعضه بَعْضًا دَائِما فَهُوَ أوثق وأحرز وَأبْعد عَن الْخطر فِي التمَاس الصِّحَّة للأبدان من أَن ينْقل الرجل تَدْبيره دفْعَة وَاحِدَة إِلَى غذَاء أفضل مِنْهُ فالجنين ينْتَقل عَمَّا أَلفه واعتاده فِي غذائه وتنفسه ومداخله وَمَا يكتنفه وهلة وَاحِدَة
وَهَذِه أول شدَّة يلقاها فِي الدُّنْيَا ثمَّ تتوافر عَلَيْهَا الشدائد حَتَّى يكون آخرهَا الشدَّة الْعُظْمَى الَّتِي لَا شدَّة فَوْقهَا أَو الرَّاحَة الْعُظْمَى الَّتِي لَا تَعب دونهَا وَلذَلِك لَا يبكي عِنْد وُرُود هَذِه الشدَّة عَلَيْهِ مَعَ مَا يلقاه من وكز الشَّيْطَان وطعنه فِي خاصرته
فصل
والجنين فِي الرَّحِم كَانَ يغتذي بِمَا يلائمه وَكَانَ يجتذب بالطبع الْمِقْدَار الَّذِي يلائمه من دم أمه وَبعد خُرُوجه يجتذب من اللَّبن مَا يلائمه أَيْضا لكنه يجتذب بشهوته وإرادته فيزيد على مِقْدَار مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مَعَ كَون اللَّبن

1 / 288