Tuhfat Asmac
تحفة الأسماع والأبصار
واتفق الرأي بيننا وبينه على أخذ الملك في ذلك، وقد عرفنا من مراده أن يدرك أنه لا يحب المرور من جانب الأتراك، لما يلقاه من أهل الحبشة من جورهم وتحكمهم في أموالهم، وسوء معاملتهم، فلذلك إن الملك يحب فتح هذه الطريق من جانب بيلول، وربما كان ضميره المستكن من هذه المواصلة بينه وبين إمامنا- صلوات الله عليه وسلامه- فإنه يعلم أنه لا يتم له فتح هذه الطريق إلا بقوة وعناية، من وجوه عدة، من جملتها معاودة الرسل من قبل الإمام -عليه السلام- في هذه الطريق؛ فإنهم مع قوتهم بمعونة الله تعالى واستصحابهم البنادق يسير معهم كثير من أهل التجارة، دخولا وخروجا، فتسهل أوعارها، وتقلل أخطارها، وكان رسولنا إلى الملك لاستئذانه في ذلك، الشريف بن محمد بن موسى البخاري، المقدم ذكره، ولما عرفه بذلك أجاب، الملك في ذلك المقام بالإسعاد إلى ذلك المراد، وكان جوابه هذا[90/ب] صادرا على بديهية الرأي، ولم يبعد أن يكون في تلك الحال متغيرا بكسره، وعلى غير ثبات من أمره، لما ظهر لنا منه بعد ذلك من الندم الشديد على رضاه، والأسف على ذلك الرأي الذي أنفذه وأمضاه.
Página 394