Tuhfat Asmac
تحفة الأسماع والأبصار
ثم نعود إلى ما نحن بصدده: ولما انتهينا إلى هذا المحل المسمى (وسمة) على وزن زنمة، توجهت الرسل من هنالك إلى الملك من الأمير بعل جادة ورسول الملك الواصل إلى الإمام -عليه السلام- يخبرانه بقدومنا إلى بلاده، سالمين من الأشرار، في حماية من العزيز القهار، ويستأذنونه في كيفية سيرنا في بلاده، وما يتوجه من أهل البلاد من الضيافات وغيرها، وكان ذلك في مشارف عيد الحجة الحرام من تلك السنة المذكورة. ثم تقدمنا صحبة ذلك الأمير المذكور إلى محلته ومسكنه، وقرية مستوطنه في جبل عال اسمه (حنطالوه) واسم هذه البلاد في عمومها (أندرته) وهي بلاد مستوية، كثيرة العشب، والنبات متسعة الخيرات، كثيرة العسل، ولقد كنا نشتري منه بالشقة السودي من بز المراودي ما يزيد على أربعين رطلا صنعانيا من الشهد الأبيض الذي ما رأت العين مثله، وأقمنا في ذلك المحل أربعين يوما، وكانت صلاة عيد الحجة فيه، خرجنا لها إلى ساحة البلد، واجتمعنا ومن انظم إلينا من المسلمين، وأقمنا الصلاة وهم ينظرون إلينا، ويتعجبون مما نحن فيه، كما نتعجب مما هم فيه، ووصل إلينا إلى ذلك المحل الفقهاء (آل كبيري صالح)، عرفوا بهذا الاسم وهو اسم تعظيم، يسمون به الرجل المعتقد، وكان بأيدينا كتاب إليهم من مولانا أمير المؤمنين- أيده الله تعالى- وكسوة سنية فاخرة لايقة بحال أمثالهم، فدفعنا إليهم الكتاب وسلمنا إليهم تلك الكسوة، ورأينا عليهم سيما الصلاح، ونور الإسلام، فسررنا بهم غاية المسرة، وكان بعضهم يعرف لسان العرب، فما برحنا نسألهم عن أمور نحتاج إلى معرفتها ونستعين بعلم حقيقتها، ووصل معهم رجل آخر اسمه (كبيرى خير الدين) له معرفة جيدة بمذهب الشافعي
Página 378