103

تحفة الخلان في أحكام الأذان

تحفة الخلان في أحكام الأذان

Editor

محمود محمد صقر الكبش

Editorial

مكتب الشؤون الفنية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1431 AH

فحينئذٍ عُلِمَ أنَّ في روايةِ التِّرمذيِّ اختصارًا، وأنَّ معنَى قولِهِ (أَذَّنَ) أيْ: أمرَ بلالاً، كما يُقال أعطى الخليفةُ العالمَ الفلانيَّ ألفاً، وإنَّما باشرَ العطاءَ غيرُهُ، ونُسِبَ إليهِ لكونِهِ أمرَ بِهِ.

وما قالَهُ النَّوويُّ في (شرحِ المهذَّبِ) بأنَّهُ بِ﴿ أَذَّنَ في سفرِهِ، فاستُدلَّ عليه في روايةِ التِّرمذيِّ، وكذا ابنُ الرِّفعة والسُّبكيُّ.

وقولُ السُّيوطيِّ: ((مَنْ قالَ إنَّهُ ﷺ لم يباشرْ سُنَّةَ الأذانِ فقدْ غَفَلَ))، أي: عن روايةِ التِّرمذيِّ، وقد علمتَ ما فيها من الإجمالِ، فاندفعَ حينئذٍ الاعتراضُ.

الجوابُ الثَّاني: أنَّ الإمامةَ في حقِّهِ ﷺ أفضلُ من الأذانِ؛ لأنَّهُ مأمونٌ من السَّهوِ والغَلَطِ، بخلافِ غيرِهِ من الأمَّةِ.

قال الجرجانيُّ في ((الشَّافي)): ((فإن قيلَ: ((إنَّهُ ﷺ نسيَ وسلَّمَ من ركعتَينِ في صلاةِ الظُّهرِ، فقال له ذو اليدَينِ: أقصُرتِ الصَّلاةُ أم نسيتَ يا رسولَ اللهِ؟ فقال ﷺ لأصحابهِ: أحقُّ ما قالَ ذو اليدَينِ؟ قالوا: نعمْ، فقامَ وأتى بركعتَينِ وكمَّلَ صلاةَ الظُّهرِ))(١).

يُجاب: بأنَّهُ ﷺ فعَلَ ذلكَ للتَّشريع، فحينئذٍ كان يجبُ علیهِ فعلُ ذلكَ، ولم يكنْ سهوًا ولا غلطاً ولا نسياناً)).

(١) متفق عليه: البخاريُّ (١ / ١٨٢) برقم (٤٦٨) ومسلمٌ (١ / ٤٠٣) برقم (٥٧٣).

103