46

Tuhfat al-Ahwadhi bi Sharh Jami' al-Tirmidhi

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1410 AH

Ubicación del editor

بيروت

الْخَبَرَ مُنْكَرٌ انْتَهَى
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ عِرَاكٍ مُرْسَلٌ كَذَا فِي التهذيب وقال بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى إِنَّهُ سَاقِطٌ لِأَنَّ رَاوِيَةَ خالد الحذاء وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ وَأَخْطَأَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَرَوَاهُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ وَهَذَا أَبْطَلُ وَأَبْطَلُ لِأَنَّ خَالِدًا الْحَذَّاءَ لَمْ يُدْرِكْ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ انْتَهَى
وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى تَغْيِيرِ ذَلِكَ الْقَانُونِ وَنَسْخِهِ
لِأَنَّ نَصَّهُ ﷺ يُبَيِّنُ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ لِأَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَهَاهُمْ عَنْ اِسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ ثُمَّ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ طَاعَتَهُ في ذلك وهذا مالا يَظُنُّهُ مُسْلِمٌ وَلَا ذُو عَقْلٍ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ إِنْكَارُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَنْسُوخًا بِلَا شَكٍّ
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا
فَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِدَلِيلٍ على نسخ ذلك القانون قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا حِكَايَةُ فِعْلٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي بُنْيَانٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَقَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ إِنَّ فِعْلَهُ ﷺ لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِنَا كَمَا تَقَرَّرَ في الأصول انتهى
وأما حديث بن عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرًا الْقِبْلَةَ
فَهُوَ أَيْضًا لَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ ذَلِكَ الْقَانُونِ لِمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ آنِفًا
وَأَمَّا حَدِيثُ مَرْوَانَ الْأَصْغَرِ فَهُوَ أَيْضًا لَا يَدُلُّ على نسخ ذلك القانون لأن قول بن عُمَرَ فِيهِ إِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اِسْتِنَادًا إِلَى الْفِعْلِ الَّذِي شَاهَدَهُ وَرَوَاهُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى النَّبِيَّ ﷺ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَدْبِرًا الْقِبْلَةَ فَهِمَ اِخْتِصَاصَ النَّهْيِ بِالْبُنْيَانِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْفَهْمُ حُجَّةً فَإِذَا جَاءَ الِاحْتِمَالُ بَطَلَ الِاسْتِدْلَالُ
فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوْلَى الْأَقْوَالِ وَأَقْوَاهَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ مُطْلَقًا قَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْإِنْصَافُ الْحُكْمُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَالْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ حَتَّى يَنْتَهِضَ دَلِيلٌ يَصْلُحُ لِلنَّسْخِ أَوْ التَّخْصِيصِ أَوْ الْمُعَارَضَةِ وَلَمْ نَقِفْ عَلَى شيء من ذلك انتهى وقال بن الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَالْمُخْتَارُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَلَا الِاسْتِدْبَارُ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَا فِي الْبُنْيَانِ لِأَنَّا إِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْمَعَانِي فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْحُرْمَةَ لِلْقِبْلَةِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي الْبَادِيَةِ وَلَا فِي الصَّحْرَاءِ وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْآثَارِ فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ عَامٌّ فِي كُلِّ

1 / 49