La joya iraquí en las obras cardíacas

Ibn Taimiyya d. 728 AH
9

La joya iraquí en las obras cardíacas

التحفة العراقية في الأعمال القلبية

Editorial

المطبعة السلفية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Sufismo
والشبهات الَّتِي لَا يسْتَلْزم تَركهَا ترك مَا فعله أرجح مِنْهَا كالواجبات فَأَما مَا ينفع فِي الدَّار الْآخِرَة بِنَفسِهِ أَو على مَا ينفع فِي الدَّار الْآخِرَة فالزهد فِيهِ لَيْسَ من الدّين بل صَاحبه دَاخل فِي قَوْله تَعَالَى الْمَائِدَة يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ كَمَا أَن الِاشْتِغَال بِفُضُول الْمُبَاحَات هُوَ ضد الزّهْد الْمَشْرُوع فَإِن اشْتغل بهَا عَن وَاجِب اَوْ بِفعل محرم كَانَ عَاصِيا وَإِلَّا كَانَ منقوصا عَن دَرَجَة المقربين إِلَى دَرَجَة الْمُقْتَصِدِينَ وَأَيْضًا فالتوكل هُوَ مَحْبُوب لله مرضى مَأْمُور بِهِ دَائِما وَمَا كَانَ محبوبا لله مرضيا مَأْمُورا بِهِ دَائِما لَا يكون من فعل الْمُقْتَصِدِينَ دون المقربين فَهَذِهِ ثَلَاثَة أجوبة عَن قَوْلهم المتَوَكل لَا يطْلب حظوظه وَأما قَوْلهم الْأُمُور قد فرغ مِنْهَا فَهَذَا نَظِير مَا قَالَه بَعضهم فِي الدُّعَاء أَنه لَا حَاجَة إِلَيْهِ لِأَن الْمَطْلُوب إِن كَانَ مُقَدرا فَلَا حَاجَة إِلَيْهِ وَإِن لم يكن مُقَدرا لم ينفع وَهَذَا القَوْل من أفسد الْأَقْوَال شرعا وعقلا وَكَذَلِكَ قَول من قَالَ التَّوَكُّل وَالدُّعَاء لَا يجلب بِهِ مَنْفَعَة وَلَا يدْفع بِهِ مضرَّة وَإِنَّمَا هُوَ عبَادَة مَحْضَة وَإِن حَقِيقَة التَّوَكُّل بِمَنْزِلَة حَقِيقَة التَّفْوِيض الْمَحْض وَهَذَا وَإِن كَانَ قَالَه طَائِفَة من الْمَشَايِخ فَهُوَ غلط أَيْضا وَكَذَلِكَ قَول من قَالَ الدُّعَاء إِنَّمَا هُوَ عبَادَة مَحْضَة فَهَذِهِ الْأَقْوَال وَمَا أشبههَا يجمعها أصل وَاحِد وَهُوَ أَن هَؤُلَاءِ ظنُّوا أَن كَون الْأُمُور مقدرَة مقضية يمْنَع أَن يتَوَقَّف على أَسبَاب مقدرَة أَيْضا تكون من العَبْد وَلم يعلمُوا أَن الله سُبْحَانَهُ يقدر الْأُمُور ويقضيها بالأسباب الَّتِي جعلهَا معلقَة بهَا من أَفعَال الْعباد وَغير أفعالهم وَلِهَذَا كَانَ طور قَوْلهم يُوجب تَعْطِيل الْعمَّال بِالْكُلِّيَّةِ وَقد سُئِلَ النَّبِي ﷺ عَن هَذَا مَرَّات فَأجَاب عَنهُ كَمَا أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قيل لرَسُول الله ﷺ أعلم أهل الْجنَّة من أهل النَّار قَالَ نعم قَالُوا فَفِيمَ الْعَمَل قَالَ كل ميسر لما خلق لَهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَة فِيهَا رَسُول الله ﷺ فَجَلَسَ وَمَعَهُ مخصرة فَجعل ينكت بِالْمِخْصَرَةِ فِي الأَرْض ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ مَا من نفس منفوسة إِلَّا وَقد كتب مَكَانهَا من النَّار أَو الْجنَّة إِلَّا وَقد كتبت شقية أَو سعيدة قَالَ فَقَالَ رجل من الْقَوْم يَا نَبِي الله أَفلا نمكث على كتَابنَا وَنَدع الْعَمَل فَمن كَانَ من أهل السَّعَادَة لَيَكُونن إِلَى السَّعَادَة وَمن كَانَ من أهل الشقاوة لَيَكُونن إِلَى الشقاوة قَالَ اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ أما أهل السَّعَادَة فييسرون للسعادة وَأما أهل الشقاوة فييسرون للشقاوة ثمَّ قَالَ نَبِي الله ﷺ اللَّيْل فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى

1 / 45