تسميها الشاعرة " يوتوبيا " منطقة يتعطل فيها حكم الزمن، وتتخذ صفة الكمال والخلود، ولكن الشاعرة تتصور يوتوبيا هذه على ألوان فمرة تراها عالما يموت فيه الضياء، ومرة عالما يبقى فيه الضياء ولا تغرب الشمس، ومرة ثالثة حيث ديانا (ربة القمر) تسوق الضياء، ولكن الصفة الثابتة لها أنها أفق أزلي لا يدركه الفناء.
وبين ألامس الميت والغد الرهيب يقع الحاضر، وهو في الغالب يمثل الفراغ، والزمن فيه بطيء العبور، تتمطى دقائقه تمطيا، ولذلك يوصف الزمن هنا بأنه بليد، وتمثل " الساعة " آلة بغيضة بلهاء، لأنها مقترنة بعد الدقائق البطيئة:
دقت الساعة في الظلمة تسعا ثم عشرا/ تململت الساعة الباردة على البرج/ وأنا أصغي وأعد دقائقها القلقات، ويمكن التغلب على حركة الانتظار هذه بمشاهدة المتحركات في الزمن، كالقطار مثلا حيث يشكو الآخرون البطء " هذي العقارب لا تسير " ويتساءلون: كم مر من هذا المساء متى الوصول؟ / وتدق ساعته ثلاثا في ذهول/ فان مراقبة هذه المتحركات تأمل في زمن الاخرين، وتخفيف من ثقل الانتظار. كما يمكن التغلب على هذا الحاضر بالسير المستمر في المكان - دون وصول - (لان الوصول يعني الموت) والسير في مكان يتجاهل فيه عامل الزمن ينقذ من العودة التي سيكشف للأعين أن كل شيء مررنا به وخلفناه وراءنا قد تغير:
لماذا نعود
أليس هناك مكان وراء الوجود
نظل إليه نسير
ولا نستطيع الوصول