Ese olor y otras historias

Sunallah Ibrahim d. 1450 AH
42

Ese olor y otras historias

تلك الرائحة: وقصص أخرى

Géneros

لكن الجالسين خلفي اختاروا هذه اللحظة بالذات ليفيضوا من سعادتهم بإنجازاتهم على الجميع. ودون أن أحرك رأسي عرفت أن خلفي مباشرة توءمتين في ربيع العمر، تعيشان في أبي ظبي مع أبيهما المهندس وأمهما المدرسة، وأن السلاسل والصلبان الذهبية التي تتدلى من عنقيهما هي هدايا أعياد الميلاد، وأنهما تتوقان لاستعراض مواهبهما في رقصة البطن داخل السيارة.

أشرف الأتوبيس على أسوار حجرية قديمة تتخللها أبراج عالية، وعلق المرشد قائلا: «أمامكم الآن التحصينات التي أقامها الفرسان الصليبيون في القرن الخامس عشر عندما استقروا هنا بعد طردهم من الشام، وتعين هذه التحصينات حدود المدينة القديمة. لكننا لن نذهب إليها الآن، إنما سنتجه إلى قلب المدينة الحديثة حيث البنك؛ فلا بد أن بعضكم يود استبدال نقوده.»

تصاعدت صيحات الاستحسان والاستفسار عن سعر الدولار، بينما انتقل الأتوبيس إلى منطقة آهلة بالمارة والمقاهي والمطاعم الأنيقة.

ومع ذلك كانت الشوارع نظيفة للغاية، بلا حفر ولا أتربة. كما خلت الأرصفة من شتى المخلفات والإفرازات، وامتدت أفاريزها الحجرية في استقامة، وقد التصقت أجزاؤها بعضها ببعض، التصاقا محكما لم يترك بينها أية فراغات. وأحاطت بقواعد الأشجار دوائر من التربة، مؤطرة في عناية بأفاريز رفيعة من الرخام.

تناقصت المقاهي والمطاعم بالتدريج لتحل محلها البوتيكات وحوانيت الملابس والمجوهرات والأنتيكات، وتوقف الأتوبيس في ميدان صغير على بعد خطوات من البنك، وقال المرشد: «أحب أن أنبهكم إلى شيء هام بالنسبة إلى الشراء؛ فالجزيرة كلها عبارة عن منطقة حرة؛ ولهذا فالمنتجات الأجنبية هنا أرخص منها في بلادها الأصلية، بل وأرخص من المنتجات اليونانية المحلية.»

شرع الركاب في مغادرة السيارة، فاكتشفت بينهم عددا من المحجبات، وسيدتين متلازمتين في أواخر العقد الرابع، عريتا أكتافهما، في محاولة متعجلة للحصول على شهادة التصييف.

توزعنا بين البنك وواجهات الحوانيت. وكنت أنا وزوجتي قد استبدلنا نقودنا في الفندق عند وصولنا. فانتحينا جانبا مظللا ووقفنا نتأمل المارة. ولاحظت أن غالبية السائحين من الشباب، وأن نسبة كبيرة منهم من بلاد الشمال القصي، ومن الفتيات.

تبينت عددا من الوجوه العربية، وسمعت اللهجة السعودية من زوجين ظننتهما أفريقيين بسبب لون بشرتهما. وكان الزوج البدين يحمل أكبر زجاجة ويسكي رأيتها في حياتي، وقد حملها فوق ساعديه كالطفل الرضيع.

اقتربت العروس الصفراء منا ومدت يدها بالكاميرا الصغيرة إلى زوجتي، ملتمسة منها أن تصورها هي وعريسها. وأسرعت تقف إلى جواره فوق درجات البنك وقد أحاطها بذراعيه وأمسك معصميها بيديه.

لمحت حانوتا لبيع الصحف، فتركت زوجتي تصور العريسين، ومضيت إليه. ابتعت صحيفة يونانية باللغة الإنجليزية، وألفيت أخبار بيروت تحتل صدر الصفحة الأولى. ووصف العنوان الرئيسي الأمس بأنه أطول يوم في الحرب التي تجاوزت الشهرين؛ إذ استمرت الغارات الإسرائيلية المكثفة من الصباح حتى المساء دون انقطاع.

Página desconocida