Ese olor y otras historias
تلك الرائحة: وقصص أخرى
Géneros
استدار المرشد بحيث أصبح يواجه الطريق، واستقر في مقعد بجوار السائق، وما زال الميكرفون قريبا من فمه.
وانسابت السيارة في شوارع هادئة تحف بها أشجار متقاربة على الجانبين، وتطل عليها منازل واطئة من طابقين أو ثلاثة. وكانت أغلب المنازل مكسوة بطلاء أبيض اللون.
قال المرشد: «نحن الآن في الجزء الحديث من المدينة. أما المدينة القديمة فعمرها خمسة آلاف سنة؛ ولهذا توجد بها آثار لكل أنواع الغزاة وبناة الإمبراطوريات، بدءا من قبائل أوروبا والفينيقيين إلى اليونان والفرس والرومان، ثم القوط والعرب والأتراك، وأخيرا الإيطاليين والألمان والإنجليز.»
لم أر كثيرا من المارة، كان أغلبهم من الشباب الأوروبي الذي ارتدى الملابس الرياضية أو اكتفى بأردية السباحة.
توقفت سيارتنا خلف سيارة لجمع القمامة سدت الطريق، وتابعت ببصري عاملا يجر صندوقا للقمامة بيد مقفزة، ويثبته في مؤخرة السيارة لتتولى تفريغه آليا، ثم أعاد الصندوق إلى مكانه بجوار الرصيف وجذب غيره.
تطلعت إلى الرصيف المقابل، فلمحت رجلا متقدما في السن يبرز من باب ممسكا بعصا طويلة تنتهي بفرشاة، طاويا صحيفة أسفل إبطه. ومضى الرجل ينظف الإفريز أمام المنزل بعناية، ثم جمع الأتربة في كوم صغير. وعاد إلى المنزل فأحضر جاروفا استعان به في نقل الأتربة إلى كيس أسود من البلاستيك ، ثم وضع الكيس بعناية على حافة الرصيف، واستدار داخل المنزل، فارتقى بضع درجات إلى شرفة صغيرة مكشوفة، واستقر في مقعد من الخيزران أمام مائدة تحمل فنجانا من القهوة وغليونا. وبعد أن ارتشف من الفنجان، بسط صحيفته وانهمك في إشعال الغليون.
تحركت سيارة القمامة أخيرا، وتبينت رتلا طويلا من السيارات تكون خلفنا دون أن يصدر عن إحداها صوت ما. وتطلعت إلى حيث استقرت صناديق القمامة الفارغة فرأيت الأرض حولها نظيفة بلا أثر لما كانت تحويه من فضلات.
انحنى الأتوبيس في شارع خلا من المارة، امتدت على أحد جانبيه حديقة كبيرة كثيفة الخضرة، انتشرت في أنحائها الورود البنفسجية الصغيرة التي كانت تملأ حدائقنا في الصبا.
همست زوجتي: «وأنا طفلة كنت ألصق بتلات هذه الوردة على شفتي.»
أحاط بنا هدوء عذب، ومضت السيارة على مهل، ولمحت شابا وفتاة يتبادلان قبلة طويلة أسفل إحدى الأشجار. ولزم المرشد الصمت كأنما يتيح لنا أن نستمتع بالهدوء.
Página desconocida