Ese olor y otras historias
تلك الرائحة: وقصص أخرى
Géneros
وتململ الطبيب في مكانه حائرا، وقال الراكب الذي يجلس خلفه وكأنما أدرك حيرته: «جبانة أسيوط.»
ارتسمت ابتسامة واهنة على شفتي الطبيب، وفكر أنه لم ير مثل هذه المقابر من قبل على كثرة ما زار من قرى ومدن. ودارت السيارة إلى اليسار، وقد تضاءلت سرعتها، وبدأت تعبر جسرا حديديا. وظهر الناس فجأة في كل ناحية وكأنما انشقت عنهم الأرض. وأخذ الفلاحون يتطلعون إلى السيارة وركابها في دهشة كدأبهم دائما. وسار ثلاثة طلبة صغار السن في نشاط على جانب الجسر وقد شمروا أكمامهم وضغطوا على كتبهم، وتابعهم الطبيب في أسى. وعبرت السيارة الجسر وتحولت إلى شارع عريض تظلله الأشجار، وانسابت مياه النيل على اليمين عميقة رحبة. لم تكن الرحلة قد انتهت؛ فلا زالت هناك بضعة كيلومترات على المدينة، لكن الطريق الثعباني كان قد اختفى. وعندما استدار الطبيب إلى الخلف ليتأمله لم يعثر له على أثر؛ فقد كان إذ ذاك مدفونا في رمال الصحراء. وبالمثل لم يتبين المقابر الغريبة؛ فقد كانت أشجار الكافور الضخمة العالية تحجب كل شيء خلفها، وكانت صفوف من هذه الأشجار قد شرعت تجري مع السيارة وتسابقها.
سجن المحاريق
بالواحات الخارجة
1963م
أرسين لوبين
اقتربت من الدكان في تردد. وعندما أصبحت أمام الباب اختلست النظر إلى الداخل فوجدت ما كنت أتوقعه. كان الرجل ممددا على مقعد قديم وقد كشف جلبابه عن عظمة ساقه المنتفخة، وكان يتنفس بصوت مرتفع.
وقفت عند الباب لا أدري ماذا أفعل. وأمامي إلى اليسار كان الرفان الصغيران اللذان كنت أحلم بهما طوال الأيام الماضية، وفوقهما عشرات من روايات الجيب الرفيعة، بل مئات. كان بيني وبينهما خطوة أو خطوتان. لكن الرجل كان نائما، رغم أننا لا زلنا في الصباح. وكنت أخاف أن يستيقظ فجأة ويراني، وفي نفس الوقت لم أكن أستطيع الانصراف؛ لم أكن أستطيع أن أتصور نفسي طول اليوم بدون رواية، وخطوت إلى الداخل.
ناديته وأنا أضع يدي في رفق على ساقه المنبعجة، وتوقف صوت تنفسه على الفور، واهتز جسمه قليلا، ثم انفرجت عينه اليسرى عن دائرة حمراء، وانفرجت شفتاه عن زمجرة.
قلت له وأنا أشير بإصبعي إلى الروايات: «حادور على رواية.»
Página desconocida