Tibyán
التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي
تفسير التبيان ج1
احسانا، حكاية، كأنه قال استحلفناهم لا يعبدون إلا الله، اذ قلنا لهم: والله لو قالوا والله لا تعبدون.
والاول اجود.
وقوله تعالى: " وبالوالدين احسانا " عطف على موضع أن المحذوفة في " تعبدون إلا الله وبالوالدين احسانا " فرفع لا تعبدون، لما حذفت أن، ثم عطف بالوالدين على موضعها: كما قال الشاعر:
معاوي اننا بشر فاسجح
فلسنا بالجبال ولا الحديدا(1)
فعطف(2) ولا الحديد على موضع الجبال.
واما الاحسان فمنصوب بفعل مضمر يؤدى عن معناه، قوله(3) " وبالوالدين " اذ كان مفهوما معناه.
وتقدير الكلام: واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل بان لا تعبدوا إلا الله وان تحسنوا إلى الوالدين احسانا.
وفاكتفى بقوله: " بالوالدين " عن ان يقول بان تحسنوا إلى الوالدين احسانا، اذ(4) كان مفهوما بما ظهر من الكلام.
وقال بعض اهل العربية: تقديره وبالوالدين فاحسنوا، فجعل الياء التي في الوالدين من صلة الاحسان مقدمة عليه.
وقال آخرون: الا تعبدوا إلا الله واحسنوا بالوالدين احسانا، فزعموا ان الباء في وبالوالدين من صلة المحذوف. اعني من احسنوا.
فجعلوا ذلك من كلامين والاحسان الذي اخذ عليهم الميثاق بان يفعلوه إلى الوالدين ما فرض على امتثالهما من فعل المعروف، والقول الجميل، وخفض جناح الذل رحمة بهما، والتحنن عليهما، والرأفة بهما، والدعاء لهما بالخير، وما اشبهه مما ندب الله تعالى إلى الفعل بهما.
وقوله: " ذي القربي " أي وبذي القربى ان تصلوا قرابة منهم، ورحمة.
اللغة: والقربى مصدر على وزن فعلى من قولك: قرب مني رحم فلان قرابة، وقربى وقربا بمعنى واحد.
---
(1) قائله عقيبة بن هبيرة الاسدي، جاهلي اسلامي. الخزانة: 343.
(2) في المطبوعة " فعطت ".
(3) في المطبوعة والمخطوطة " وقوله " على ما يظهر ان الناسخ زاد الواو لانه لم يفهم معنى الكلام.
(4) في المطبوعة والمخطوطة " اذا " الالف ايضا زيادة من الناسخ.
Página 325