149

Tibyán en la gramática del Corán

التبيان في إعراب القرآن

Editor

علي محمد البجاوي

Editorial

عيسى البابي الحلبي وشركاه

قَالَ تَعَالَى: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا. . . (١٨٢»
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ مُوصٍ): يُقْرَأُ بِسُكُونِ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ، وَهُوَ مِنْ أَوْصَى، وَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ، وَهُوَ مِنْ وَصَّى، وَكِلْتَاهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَلَا يُرَادُ بِالتَّشْدِيدِ هُنَا التَّكْثِيرُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْفِعْلِ الثُّلَاثِيِّ إِذَا شُدِّدَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّشْدِيدُ نَظِيرَ الْهَمْزَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَمِثْلُهُ نَزَلَ وَأَنْزَلَ.
وَ(مِنْ): مُتَعَلِّقَةٌ بِخَافَ. وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنْ تُجْعَلَ صِفَةً لِجَنَفٍ فِي الْأَصْلِ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَمَنْ خَافَ جَنَفًا كَائِنًا مِنْ مُوصٍ فَإِذَا قُدِّمَ انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، وَمِثْلُهُ أَخَذْتُ مِنْ زَيْدٍ مَالًا إِنْ شِئْتَ عَلَّقْتَ: مِنْ بِأَخَذْتُ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ التَّقْدِيرُ مَالًا كَائِنًا مِنْ زَيْدٍ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. . . . . . (١٨٣»
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ): الْمَفْعُولُ الْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ.
وَفِي مَوْضِعِ الْكَافِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ صِفَةٌ لِلْكَتْبِ ; أَيْ كَتْبًا كَمَا كُتِبَ ; فَمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَصْدَرِيَّةٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ صِفَةُ الصَّوْمِ ; أَيْ صَوْمًا مِثْلَ مَا كُتِبَ، فَمَا عَلَى هَذَا بِمَعْنَى الَّذِي، أَيْ صَوْمًا مُمَاثِلًا لِلصَّوْمِ الْمَكْتُوبِ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ، وَصَوْمٌ هُنَا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ فِي الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الصِّيَامَ بِمَعْنَى أَنْ تَصُومُوا صَوْمًا. وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي مَوْضِعِ حَالٍ مِنَ الصِّيَامِ ; أَيْ مُشْبِهًا لِلَّذِي كُتِبَ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةً لِلصِّيَامِ.

1 / 148