غد، وأنه متى انقضى يوم غد ظهر الملك على أمر ما يوجب أن يقتل صاحبه هذا، فجاء إلى صاحبه وأخبره أنه استخفى في منزله كنزا وأنه يحتاج إلى معاونته عليه في يوم غد، فأخذ به إلى منزله فلم يزل يومه ذلك يعلله بل يكده بالحفر والبحث عب ذلك الكنز، حتى إذا انقضى ذلك اليوم وظهر الملك على ما ظهر عليه أخبره حينئذ بالأمر على حقيقته. أقول إن هذا الرجل وإن كان قد أخبر صاحبه أولا بما لا حقيقة له فليس في ذلك بمذموم ولا عند تكشف الخبر على خلاف ما حكاه بمفتضح، إذ كان قد قصد به إلى أمر جميل جليل نافع للمخبر. فهذا وما أشبهه ونحاه من الإخبار مما لا حقيقة له لا يعقب صاحبه فضيحة ولا مذمة ولا ندامة بل شكرا وثناء جميلا. وأما النوع الثاني العديم لهذا الغرض ففي تكشفه الفضيحة والمذمة. وأما الفضيحة فإذا لم يكن على المخبر من ذلك ضرر، كرجل حكى لصاحبه أنه عاين بمدينة كذا وكذا حيوانا أو جوهرا أو نباتا من حالته وقصته كذا وكذا، مما لا حقيقة له ولا يقصد به الكاذبون إلا إلى التعجب منه فقط. وأما المذمة فإذا جلب على المخبر مع ذلك ضررا، كرجل حكى لصاحبه عن ملك بلدة ما شاسعة رغبة في قربه وتوقانا إليه، وحقق في نفسه أنه إن احتمل إليه وسار نحوه نال منه مكان كذا ومرتبة كذا، وإنما فعل ذلك لينال شيئا مما يخلفه ، حتى إذا تعنى صاحبه وتحمل واجتهد فورد على ذلك الملك لم يجد لشيء من ذلك حقيقة، ووجده حنقا مغضبا عليه فأتى على
Página 58