قال: وفي منعه صلى الله عليه وسلم لعلي من أكل الرطب وهو ناقه، أحسن التدبير، فإن الفاكهة تضر بالناقه لسرعة استحالتها، وضعف الطبيعة عن دفعها؛ وفي الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة فتشتغل بمعالجته [وإصلاحها] عما هو بصدده: من إزالة بقية المرض وآثاره؛ فإما أن تقف تلك البقية، وإما أن تتزايد، فلما وضع بين يديه السلق والشعير، أمره أن يصيب منه فإنه من أنفع الأغذية للناقه: فإن ماء الشعير من التبريد والتغذية والتلطيف والتليين؛ وتقوية الطبيعة - ما هو أصلح للناقه، ولا سيما إذا طبخ بأصول السلق. فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف، ولا يتولد عنه من الأخلاط ما يخاف منه.
قال: ومن هديه صلى الله عليه وسلم تغذيته للمريض بألطف ما اعتداه من الأغذية وهي ((التلبينة)) وهي حساء يتخذ من دقيق الشعير بنخالة، والفرق بينهما وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحا والتلبينة تطبخ منه مطحونا وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.
وقال الموفق في شرح الحديث: الوعك المرض الخفيف وأول المرض قبل أن يقوى، والتلبينة الحساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن وهو النافع للمريض على الحقيقة الرقيق النضيج لا الغليظ النيء وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير، ولا سيما إن كان بنخالته فإنه حينئذ يجلو وينفذ سريعا ويغذوا غذاء خفيفا، وإذا شرب حارا كان جلاؤه أقوى ونفوذه أسرع.
Página 126