Medicina Profética
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Editorial
دار الهلال
Número de edición
-
Ubicación del editor
بيروت
وَثَمَرُهَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَيَابِسًا، وَبَلَحًا وَيَانِعًا، وَهُوَ غِذَاءٌ وَدَوَاءٌ وَقُوتٌ وَحَلْوَى، وَشَرَابٌ وَفَاكِهَةٌ، وَجُذُوعُهَا لِلْبِنَاءِ وَالْآلَاتِ وَالْأَوَانِي، وَيُتَّخَذُ مِنْ خُوصِهَا الْحُصُرُ وَالْمَكَاتِلُ وَالْأَوَانِي وَالْمَرَاوِحُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْ لِيفِهَا الْحِبَالُ وَالْحَشَايَا وَغَيْرُهَا، ثُمَّ آخِرُ شَيْءٍ نَوَاهَا عَلَفٌ لِلْإِبِلِ، وَيَدْخُلُ فِي الْأَدْوِيَةِ وَالْأَكْحَالِ، ثُمَّ جَمَالُ ثَمَرَتِهَا وَنَبَاتِهَا وَحُسْنُ هَيْئَتِهَا، وَبَهْجَةُ مَنْظَرِهَا، وَحُسْنُ نَضْدِ ثَمَرِهَا، وَصَنْعَتِهِ وَبَهْجَتُهُ، وَمَسَرَّةُ النُّفُوسِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، فَرُؤْيَتُهَا مُذَكِّرَةٌ لِفَاطِرِهَا وَخَالِقِهَا، وَبَدِيعِ صَنْعَتِهِ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَتَمَامِ حِكْمَتِهِ، وَلَا شَيْءَ أَشْبَهُ بِهَا مِنَ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ، إِذْ هُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ، وَنَفْعٌ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ.
وَهِيَ الشَّجَرَةُ الَّتِي حَنَّ جِذْعُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمَّا فَارَقَهُ شَوْقًا إِلَى قُرْبِهِ، وَسَمَاعِ كَلَامِهِ، وَهِيَ الَّتِي نَزَلَتْ تَحْتَهَا مريم لَمَّا وَلَدَتْ عِيسَى ﵇، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ: أَكْرِمُوا عمّاتكم النَّخْلَةَ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الطِّينِ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ آدَمُ.»» .
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْضِيلِهَا عَلَى الْحَبَلَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَمَا أَقْرَبَ أَحَدِهِمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّ سُلْطَانِهِ وَمَنْبَتِهِ، وَالْأَرْضِ الَّتِي تُوَافِقُهُ أَفْضَلَ وَأَنْفَعَ.
نَرْجِسُ: فِيهِ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ: «عَلَيْكُمْ بِشَمِّ النَّرْجِسِ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ حَبَّةَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، لَا يَقْطَعُهَا إِلَّا شَمُّ النَّرْجِسِ» «٢» .
وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَصْلُهُ يُدْمِلُ الْقُرُوحَ الْغَائِرَةَ إِلَى الْعَصَبِ، وَلَهُ قُوَّةُ غُسَالَةٍ جَالِيَةٌ جَابِذَةٌ، وَإِذَا طُبِخَ وَشُرِبَ مَاؤُهُ، أَوْ أُكِلَ مَسْلُوقًا، هَيَّجَ الْقَيْءَ، وَجَذَبَ الرُّطُوبَةَ مِنْ قَعْرِ الْمَعِدَةِ، وَإِذَا طُبِخَ مَعَ الْكِرْسِنَّةِ وَالْعَسَلِ، نَقَّى أَوْسَاخَ القروح، وفجر الدّبيلات العسرة النضج.
(١) حديث موضوع.
(٢) أخرجه ابن ماجه في الأدب.
1 / 303