Medicina Profética
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Editorial
دار الهلال
Número de edición
-
Ubicación del editor
بيروت
لبان: هُوَ الْكُنْدُرُ: قَدْ وَرَدَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «بَخِّرُوا بُيُوتَكُمْ بِاللُّبَانِ وَالصَّعْتَرِ»: وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ، وَلَكِنْ يُرْوَى عَنْ علي أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِلَيْهِ النِّسْيَانَ:
عَلَيْكَ بِاللُّبَانِ، فَإِنَّهُ يُشَجِّعُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِالنِّسْيَانِ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ شُرْبَهُ مَعَ السُّكَّرِ عَلَى الرِّيقِ جَيِّدٌ لِلْبَوْلِ وَالنِّسْيَانِ. وَيُذْكَرُ عَنْ أنس ﵁، أَنَّهُ شَكَا إِلَيْهِ رَجُلٌ النِّسْيَانَ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْكُنْدُرِ وَانْقَعْهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَخُذْ مِنْهُ شَرْبَةً عَلَى الرِّيقِ، فَإِنَّهُ جَيِّدٌ لِلنِّسْيَانِ.
وَلِهَذَا سَبَبٌ طَبِيعِيٌّ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ النِّسْيَانَ إِذَا كَانَ لِسُوءِ مِزَاجٍ بَارِدٍ رَطْبٍ يَغْلِبُ عَلَى الدِّمَاغِ، فَلَا يَحْفَظُ مَا يَنْطَبِعُ فِيهِ، نَفَعَ مِنْهُ اللُّبَانُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ النِّسْيَانُ لِغَلَبَةِ شَيْءٍ عَارِضٍ، أَمْكَنَ زَوَالُهُ سَرِيعًا بِالْمُرَطِّبَاتِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْيُبُوسِيَّ يَتْبَعُهُ سَهَرٌ، وَحِفْظُ الْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ دُونَ الْحَالِيَّةِ، وَالرُّطُوبِيُّ بِالْعَكْسِ.
وَقَدْ يُحْدِثُ النِّسْيَانَ أَشْيَاءَ بِالْخَاصِّيَّةِ، كَحِجَامَةِ نُقْرَةِ الْقَفَا، وَإِدْمَانِ أَكْلِ الْكُسْفَرَةِ الرَّطْبَةِ، وَالتُّفَّاحِ الْحَامِضِ، وَكَثْرَةِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ، وَالنَّظَرِ فِي الْمَاءِ الْوَاقِفِ، وَالْبَوْلِ فِيهِ، وَالنَّظَرِ إِلَى الْمَصْلُوبِ، وَالْإِكْثَارِ مِنْ قِرَاءَةِ أَلْوَاحِ الْقُبُورِ، وَالْمَشْيِ بَيْنَ جَمَلَيْنِ مَقْطُورَيْنِ، وَإِلْقَاءِ الْقَمْلِ فِي الْحِيَاضِ وَأَكْلِ سُؤْرِ الْفَأْرِ، وَأَكْثُرُ هَذَا مَعْرُوفٌ بِالتَّجْرِبَةِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ اللُّبَانَ مُسَخِّنٌ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَمُجَفِّفٌ فِي الْأُولَى، وَفِيهِ قَبْضٌ يَسِيرٌ، وَهُوَ كَثِيرُ الْمَنَافِعِ، قَلِيلُ الْمَضَارِّ، فَمِنْ مَنَافِعِهِ: أَنْ يَنْفَعَ مِنْ قَذْفِ الدَّمِ وَنَزْفِهِ، وَوَجَعِ الْمَعِدَةِ، وَاسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ، وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ، وَيَطْرُدُ الرِّيَاحَ، وَيَجْلُو قُرُوحَ الْعَيْنِ، وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي سَائِرِ الْقُرُوحِ، وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ الضَّعِيفَةَ، وَيُسَخِّنُهَا، وَيُجَفِّفُ الْبَلْغَمَ، وَيُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الصَّدْرِ، وَيَجْلُو ظُلْمَةَ الْبَصَرِ، وَيَمْنَعُ الْقُرُوحَ الْخَبِيثَةَ مِنَ الِانْتِشَارِ، وَإِذَا مُضِغَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ الصَّعْتَرِ الْفَارِسِيِّ جَلَبَ الْبَلْغَمَ، وَنَفَعَ مِنِ اعْتِقَالِ اللِّسَانِ، وَيَزِيدُ فِي الذِّهْنِ وَيُذَكِّيهِ، وَإِنْ بُخِّرَ بِهِ مَاءٌ، نَفَعَ مِنَ الْوَبَاءِ، وَطَيَّبَ رَائِحَةَ الْهَوَاءِ.
1 / 294