Medicina Profética
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Editorial
دار الهلال
Número de edición
-
Ubicación del editor
بيروت
طَلْعُ النَّخْلِ: مَا يَبْدُو مِنْ ثَمَرَتِهِ فِي أَوَّلِ ظُهُورِهِ، وَقِشْرُهُ يُسَمَّى الْكُفُرَّى، وَالنَّضِيدُ: الْمَنْضُودُ الَّذِي قَدْ نُضِّدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ: نَضِيدٌ مَا دَامَ فِي كُفُرَّاهُ، فَإِذَا انْفَتَحَ فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ.
وَأَمَّا الْهَضِيمُ: فَهُوَ الْمُنْضَمُّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، فَهُوَ كَالنَّضِيدِ أَيْضًا، وذلك يكون قبل تشقّق لكفري عَنْهُ.
وَالطَّلْعُ نَوْعَانِ: ذَكَرٌ وَأُنْثَى، وَالتَّلْقِيحُ هُوَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الذَّكَرِ، وَهُوَ مِثْلُ دَقِيقِ الْحِنْطَةِ، فَيُجْعَلَ فِي الْأُنْثَى، وَهُوَ التَّأْبِيرُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اللِّقَاحِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَقَدْ رَوَى مسلم فِي «صَحِيحِهِ»: عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ﵁
قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي نَخْلٍ، فَرَأَى قَوْمًا يُلَقِّحُونَ، فَقَالَ: «مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟» قَالُوا: يَأْخُذُونَ مِنَ الذَّكَرِ فَيَجْعَلُونَهُ فِي الْأُنْثَى، قَالَ: «مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِي شَيْئًا»، فَبَلَغَهُمْ، فَتَرَكُوهُ، فَلَمْ يَصْلُحْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ، فَإِنْ كَانَ يُغْنِي شَيْئًا، فَاصْنَعُوهُ، فَإِنَّمَا أَنَا بشر مثلكم، وإنّ الظنّ يخطىء وَيُصِيبُ، وَلَكِنْ مَا قُلْتُ لَكُمْ عَنِ اللَّهِ ﷿. فَلَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ» «١» انْتَهَى.
طَلْعُ النَّخْلِ يَنْفَعُ مِنَ الْبَاهِ، وَيَزِيدُ فِي الْمُبَاضَعَةِ، وَدَقِيقُ طَلْعِهِ إِذَا تَحَمَّلَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْجِمَاعِ أَعَانَ عَلَى الْحَبَلِ إِعَانَةً بَالِغَةً، وَهُوَ فِي الْبُرُودَةِ وَالْيُبُوسَةِ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، يُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَيُجَفِّفُهَا، وَيُسَكِّنُ ثَائِرَةَ الدَّمِ مَعَ غِلْظَةٍ وَبُطْءِ هَضْمٍ.
وَلَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا أَصْحَابُ الْأَمْزِجَةِ الْحَارَّةِ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْجُوَارِشَاتِ الْحَارَّةِ، وَهُوَ يُعْقِلُ الطَّبْعَ، وَيُقَوِّي الْأَحْشَاءَ، وَالْجُمَّارُ يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَكَذَلِكَ الْبَلَحُ، وَالْبُسْرُ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يَضُرُّ بِالْمَعِدَةِ وَالصَّدْرِ، وَرُبَّمَا أَوْرَثَ الْقُولَنْجَ، وَإِصْلَاحُهُ بِالسَّمْنِ، أو بما تقدم ذكره.
(١) أخرجه مسلم في الفضائل.
1 / 256