233

Medicina Profética

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Editorial

دار الهلال

Número de edición

-

Ubicación del editor

بيروت

فَاكِهَتُهُمْ فِيهَا وَأَنْفَعُهَا لِلْبَدَنِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ يُسْرِعُ التَّعَفُّنَ فِي جَسَدِهِ، وَيَتَوَلَّدُ عَنْهُ دَمٌ لَيْسَ بِمَحْمُودٍ، وَيُحْدِثُ فِي إِكْثَارِهِ مِنْهُ صُدَاعٌ وَسَوْدَاءُ، وَيُؤْذِي أَسْنَانَهُ، وَإِصْلَاحُهُ بِالسَّكَنْجِبَيْنِ وَنَحْوِهِ. وَفِي فِطْرِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى التَّمْرِ، أَوِ الْمَاءِ تَدْبِيرٌ لَطِيفٌ جِدًّا فَإِنَّ الصَّوْمَ يُخَلِّي الْمَعِدَةَ مِنَ الْغِذَاءِ، فَلَا تَجِدُ الْكَبِدُ فِيهَا مَا تَجْذِبُهُ وَتُرْسِلُهُ إِلَى الْقُوَى وَالْأَعْضَاءِ، وَالْحُلْوُ أَسْرَعُ شَيْءٍ وُصُولًا إِلَى الْكَبِدِ، وَأَحَبُّهُ إِلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ رُطَبًا فَيَشْتَدُّ قَبُولُهَا لَهُ، فَتَنْتَفِعُ بِهِ هِيَ وَالْقُوَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَالتَّمْرُ لِحَلَاوَتِهِ وَتَغْذِيَتِهِ فَإِنْ لَمْ يكن، فحسوات الماء تطفىء لَهِيبَ الْمَعِدَةِ، وَحَرَارَةَ الصَّوْمِ، فَتَتَنَبَّهُ بَعْدَهُ لِلطَّعَامِ، وتأخذه بشهوة. ريحان: قَالَ تَعَالَى: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ «١» وقال تعالى: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ «٢» . وَفِي «صَحِيحِ مسلم» عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة» . وفي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ»: مِنْ حَدِيثِ أسامة ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ أَلَا مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا، هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا، فِي حِبَرَةٍ وَنَضْرَةٍ، فِي دُورٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا قَالَ: قُولُوا: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى»، فَقَالَ الْقَوْمُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. الرَّيْحَانُ كُلُّ نَبْتٍ طَيِّبِ الرِّيحِ، فَكُلُّ أَهْلِ بَلَدٍ يَخُصُّونَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَأَهْلُ الْغَرْبِ يَخُصُّونَهُ بِالْآسِ، وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنَ الرَّيْحَانِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ يخصّونه بالحبق.

(١) - الواقعة- ٨٨. (٢) الرحمن- ١٢.

1 / 235