وقال عبد اللطيف: العسل في أكثر الأمراض أفضل من السكر، لأنه يفتح، ويجلو، ويدر، ويحلل، ويغسل، وهذه الأفعال في السكر ضعيفة، وفي السكر إرخاء للمعدة وليس ذلك في العسل، وإنما يفضل السكر عليه بحالتين، لأنه أقل حلاوة وحدة، وقد عمل بعض أطباء العرب مقالة في العسل وتفضيله على السكر، وقد: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب كل يوم قدح عسل ممزوجا بالماء على الريق).
وهذه حكمة عجيبة في حفظ الصحة.
وكان صلى الله عليه وسلم يراعي في حفظ صحته أمورا.
منها: شرب العسل.
ومنها: تقليل الغذاء، وتجنب التخم.
ومنها: شرب نقيع الزبيب أو التمر يصرف بهما عداء.
ومنها: استعمال الطيب والأدهان والاكتحال وإتيان النساء.
فما أتقن هذا التدبير وأفضله.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: (عليكم بالشفاءين)، جمع بين الطب البشري والطب الإلهي، وبين الفاعل الطبيعي والفاعل الروحاني، وبين طب الأجساد وطب الأرواح، وبين السبب الأرضي والسبب السمائي.
وفي هذا سر لطيف أي لا يكتفي بالقرآن وحده، ويبطل السعي والعمل، بل يعمل بما أمر ويسعى في الرزق كما قدر، ونسأله المعونة والتوفيق لما يسر، بمنزلة الفلاح الذي يحرث الأرض ويودعها البذر ثم يضرع إلى خالقه في دفع العاهات وإنزال القطر، ويستعمل بعد ذلك التوكل عليه سبحانه وتعالى في إتمام ما منه حذر وأنذر في جلب الصحة ودفع الضرر.
وقال بعض العلماء: يريد صلى الله عليه وسلم بقوله: (عليكم بالشفاءين) أن الله تعالى جعل في العسل شفاء من الأمراض والآفات، كما جعل القرآن شفاء الصدر من الشكوك والشبهات.
Página 171