كيف يمكن تفعيل لغات الشخص الثلاثي اللغة بدرجات مختلفة. لقد اختار هذا الشخص الثلاثي اللغة استخدام اللغة الثانية كلغته الأساسية، وفعل أيضا اللغة الثالثة وليس اللغة الأولى؛ نظرا لأن الشخص الذي يتحدث إليه لا يعرف إلا لغتين فقط من لغاته الثلاث؛ ومن ثم يصبح وضعه ثنائي اللغة. ويصبح وضعه اللغوي ثلاثي اللغة مع شخص يعرف لغاته الثلاث، ويستطيع إدخال لغتيه الثانية والثالثة بحرية عند الحديث معه. يمكن أن يحدث الأمر نفسه مع الذين يستخدمون أربع لغات أو أكثر في حياتهم اليومية. (2) اختيار لغة أساسية
كما رأينا في الشكل
4-1 ، يجب أن يختار الأشخاص الثنائيو اللغة، عند التواصل في الوضع الثنائي اللغة، أولا لغة أساسية (يطلق عليها أيضا اللغة المضيفة أو اللغة الرئيسية)، لاستخدامها مع الذين يتحدثون إليهم. إن عملية اختيار اللغة هي على الأرجح إحدى أكثر ظواهر الثنائية اللغوية المثيرة للاهتمام ، على الرغم من أن الأشخاص الثنائيي اللغة لا يمعنون التفكير فيها كثيرا. درست عالمة الأنثروبولوجيا كارول باربر السلوك اللغوي لاثني عشر شخصا ثلاثي اللغة من هنود الياكي من قبيلة باسكوا ياكي في ولاية أريزونا؛ فقد كانت مهتمة بفهم متى يستخدمون الياكية والإسبانية والإنجليزية، فكتبت تقول:
يرى الرجال عادة الأسئلة المتعلقة باستخدامهم للغاتهم سخيفة إلى حد ما؛ فهم بطبيعة الحال يستخدمون الياكية مع الياكيين، والإسبانية مع المكسيكيين، والإنجليزية مع المتحدثين بالإنجليزية. وقال أحدهم: «أنا أستطيع التحدث معك بالياكية، لكنك لن تفهميني.» مع ذلك، يبدو أن المشكلة ليست بمثل هذه البساطة، عندما ندرك أنهم يتعاملون في كثير من علاقاتهم الاجتماعية مع أشخاص يتحدثون على الأقل لغتين من لغاتهم. لماذا إذا يختارون التحدث بإحدى اللغات في وقت ما وبلغة أخرى في وقت آخر؟
2
شكل 4-2: الوضع الثنائي اللغة لشخص ثلاثي اللغة.
فيما يلي سنلقي نظرة على عوامل اختيار اللغة وفقا لأربع فئات رئيسية: المشاركين، والموقف، ومحتوى التفاعل، والغرض من التفاعل. سنستعرض مدى تعقيد هذه الظاهرة وسنرى كيف يمكن أن تتعقد وتفشل في بعض الأحيان.
داخل فئة المشاركين، يوجد عامل مهم للغاية في اختيار اللغة، وهو إجادة كل من المتحدث والمستمع للغة؛ فعادة يحاول المرء استخدام اللغة التي ستسهم على أفضل نحو في نجاح التواصل؛ فقد سمعت كثيرا من الأشخاص الثنائيي اللغة يقولون إنهم يستخدمون لغة معينة مع شخص محدد لمجرد أنه لا يجيد استخدام اللغة الأخرى بالقدر الكافي. ثمة عامل آخر يبدو أنه يلعب دورا مهما، وهو التاريخ اللغوي بين المشاركين؛ فيختار المرء استخدام لغة معينة مع أشخاص محددين بعد الاتفاق معهم على استخدامها، حتى إن لم يتناقشوا قط في هذا الأمر، وتصبح هذه هي لغة التواصل بينهم منذ ذلك الوقت. في الواقع، يكون هذا الاتفاق قويا للغاية بحيث يشعر المستمع بالارتباك أو يتفاجأ إذا أخل به (على سبيل المثال: إذا حدث تغير مفاجئ في اللغة الأساسية عند الحديث في الهاتف).
يمكن لتوجه أحد المشاركين حيال إحدى اللغات أو إحدى المجموعات أن يفسر أيضا عملية اختيار اللغة. فقد لا يرغب أعضاء الأقليات المنبوذة في التحدث بلغة الأغلبية؛ ينطبق هذا على الذين عانوا في الماضي على يد الأغلبية (مثل اليهود الألمان في أثناء الحرب العالمية الثانية واليهود الروس مؤخرا، الذين رفضوا استخدام اللغتين الألمانية والروسية، على التوالي، في دولهم الجديدة). تضم العوامل الأخرى في فئة المشاركين السن، والوضع الاجتماعي والاقتصادي للمشاركين، ودرجة الألفة بينهم، وقوة العلاقة بينهم، إلى آخره.
3
Página desconocida