5
أكد كثير من الباحثين على مدى صعوبة اتباع الأطفال والمراهقين المناهج الدراسية العادية في أثناء عملية تعلم لغة الدراسة، ويؤكد جيم كومينز على حقيقة أن المتحدثين بلغة الأقلية يكون عليهم اللحاق ب «هدف متحرك» فيما يتعلق بالمحتوى الدراسي، ويشير إلى أن الأطفال المتحدثين بلغة الأغلبية لن يظلوا في مكانهم منتظرين وصول الأطفال الآخرين إلى مستواهم. وبمرور الوقت تصبح المفاهيم أكثر صعوبة، والمفردات متخصصة أكثر، والتراكيب النحوية أكثر تعقيدا. وكما علمنا في الفصل الخامس عشر، يقدر كومينز أن الأطفال المتحدثين بلغة الأقلية يحتاجون على الأقل خمس سنوات من أجل اللحاق بأقرانهم من المتحدثين بلغة الأغلبية في المهارات اللغوية المتعلقة بالقراءة والكتابة.
6
وتتمثل المشكلة في إصابة كثير منهم باليأس، وأن يتخلفوا أو يتركوا الدراسة.
مع معاناة الأطفال والمراهقين المتحدثين بلغة الأقلية مع لغتهم «الجديدة»، التي سيتقنها البعض ولن يتقنها البعض الآخر، يتعرضون أيضا ببطء إلى فقدان لغتهم الأصلية، التي لا تدعم ولا تطور في المدرسة. تعتبر تجربة ريتشارد رودريجيز؛ مؤلف كتاب «نهم الذاكرة»، مثالا على هذا، فقد تخطى الأمر باكتسابه اللغة الإنجليزية، لكنه في أثناء هذه العملية فقد لغته الإسبانية، على الرغم من التحاقه بفصول لتعلم اللغة الإسبانية القياسية في المدرسة الثانوية (لكن الوقت كان قد تأخر كثيرا)؛ إذ يقول:
لقد نشأت ضحية ارتباك أدى إلى إعاقة؛ فمع زيادة طلاقتي في اللغة الإنجليزية، لم أعد أستطيع التحدث بالإسبانية بثقة، على الرغم من استمراري في فهم الحديث بالإسبانية. وفي المدرسة الثانوية، تعلمت القراءة والكتابة بالإسبانية، لكني لم أستطع نطقها لعدة سنوات. لقد كان لدي شعور قوي بالذنب يعيق نطقي للكلمات؛ فقد كنت أفتقد رابطا أساسيا يربط الكلمات معا متى حاولت تكوين الجمل.
7
إذا أمكن استخدام لغة الأقلية في السنوات الأولى من الالتحاق بالمدرسة، فإن هذا لن تكون له فوائد اجتماعية وثقافية ونفسية مهمة فحسب بالنسبة إلى الأطفال، وإنما هذا سيساعدهم أيضا في اكتساب اللغة الثانية عبر انتقال المهارات من لغة للأخرى. ومع ذلك، قد تأتي مرحلة يكون فيها الأوان قد فات؛ تخبرنا عالمة اللغة ليلي وونج فيلمور عن فريدي؛ وهو متعلم «سابق» للغة الإنجليزية في السابعة عشرة من عمره، حصل على حصص خاصة في مادة الرياضيات حتى يتمكن من اجتياز امتحان التخرج من المرحلة الثانوية بولاية كاليفورنيا (فقد فشل بالفعل مرتين في الجزء الخاص بالرياضيات). كان يفتقر إلى مخزون من المفردات والقواعد النحوية في اللغة الإنجليزية يمكنه من فهم المادة التي يقرؤها. تسأل وونج فيلمور ما إذا كان من الأفضل تدريس الحصص الخاصة هذه باللغة الإسبانية، التي هي لغة فريدي الأولى؛ فتقول إنه في حالة فريدي، كان من الممكن أن يفيده هذا إذا كان أصغر سنا، لكن نظرا لتلقيه التعليم في المدرسة بالإنجليزية فقط، فلم يعد فريدي يفهم الإسبانية أو يتحدث بها مثل الإنجليزية. تستنتج وونج فيلمور من هذا أن فريدي كان سيصبح من الأسهل عليه تعلم المحتوى الذي طلب منه تعلمه في المدرسة، إذا كان هذا المحتوى قد درس له باللغة الإسبانية.
8
اعترافا بأهمية التدريس باللغة الأولى، الذي أكدت عليه اليونسكو في هدفها المذكور في بداية هذا الفصل، أنشأت بعض الهيئات التعليمية برامج انتقالية تستخدم فيها لغة الطالب الأولى كجسر لتعلم لغة ثانية؛ لغة الأغلبية. شاع استخدام هذا النوع من البرامج في الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن العشرين، وحاليا يوجد في دول مثل هولندا وإنجلترا والسويد، بحسب ما ورد عن خبيرة التعليم ماريا بريسك؛
Página desconocida