التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين
التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
العددان التاسع والسبعون والثمانون
Año de publicación
السنة العشرون- رجب-ذوالحجة ١٤٠٨هـ
Géneros
بالحُسْنِ كيف شئت، فإن فيه منه كل ما يمكن أن يكون في شخص، كما قال:
وقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فإن وجدت لسانًا قائلا فقل
وهذا معنى مناسب للتعجب ١.
وهناك مذهب ثالث يفرق بين الفعل المبني للمفعول لزومًا، بحيث لا يأتي مبنيًا للمعلوم وبين الفعل الذي يأتي مبينًا للفاعل وللمفعول، فيجيز أن يَتعجَّبَ من الأول دون الثاني، ذلك أن نائب الفاعل - وإن أفاد ظاهرًا تحوله عن مفعول في اللفظ - فهو في المعنى فاعل، لأنه لم يقع عليه فعل من غيره كالمشغول الذي شغله غيره، فلو حُمل "ما أزهاه " على أنه تعجب من الفاعل المعنوي، لم يكن بأس ٢.
قالت العرب في التعجب من "جُن زيدٌ": ما أجنَّه! وهو محمول على المعنى، استجازوا فيه ما استجازوا فيما حُمل عليه، ألا ترى أن "جُن زيدٌ:" فهو في المعنى داخل في حيزِّ الأوصاف التي لا تكون أعمالا، وإنما تكون خصالًا في الموصوفين بغير اختيارهم، مثل: كَرُمَ فهو كريم، ولؤم فهو لئيم، خصال لا يفعلها الموصوف، فهكذا "جن زيد فهو مجنون "، إنما هي خصلة في الموصوف، لا اختيار له فيها، فأجري مجرى رقع فهو رقيع، وبلد فهو بليد إذا كان داخلًا في معناه، والدليل على صحة هذَا أن العرب لا تتعجب من "أفْعَلَ"، لا يقولون: ما أحمره! ولا: ما أسوده! ولا: ما أفطسه!، ويتعجبون من "أحمق، وأرعن، وألد، وأنوك "، فيقولون ما أحمقه! وما أرعنه! وما ألده! وما أنوكه!، لأن أحمق بمنزلة بليد، وألد بمنزلة مرس٣، وأنوك بمنزلة جاهل، فحملوه على المعنى، فهكذا "جُن زيدٌ" حُمل على المعنى، لأن العرب تشبه الشيء بالشيء، ويحمل على المعنى إذا وافقه واقترب منه، فمن ذلك قولهم: "حاكم زيدٌ عمرٌو" برفع الاثنين جميعًا، لأن كل واحد منهما فاعل، قال أوس:
تُواهق رجلاها يداه ورأسه ... له قتبٌ خلف الحقيبة رادف
وقال القطاميُّ:
فَكرَّت تبتغيه فصادفته ... على دمه ومصرعه السِّباعا
لأن السباع قد دخلت في المصادفة. وقال:
_________
١ انظر شرح الكافية ٢/ ٣١٠.
٢ انظر مجمع الأمثال ١/ ٨٤.
٣ رجل مرس: شديد العلاج، بين المرس وهو شدة العلاج. اللسان (مرس) .
1 / 167