The Tatars from the Beginning to Ain Jalut
التتار من البداية إلى عين جالوت
Géneros
تحرير بلاد الشام من التتار وتوحيدها مع مصر
في اليوم التالي مباشرة لدخول قطز ﵀ إلى دمشق كان عيد الفطر، وكان أعظم عيد مر على المسلمين منذ أربعين سنة، فلم يكن عيدًا للفطر فقط، بل كان أيضًا عيدًا للنصر والتمكين، ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:٤٠].
ولم يضيع قطز ﵀ وقتًا، بل أرسل مقدمة الجيش بقيادة الظاهر بيبرس ﵀ لتتبع الفارين من التتار، وتطهير المدن الشامية الأخرى من الحاميات التتارية، حتى وصلت القوات الإسلامية إلى حمص، واقتحمت على التتار معسكراتهم ففروا مذعورين، وانقلبت الصورة تمامًا، وأطلق المسلمون آلاف الأسرى المسلمين، وانطلقوا خلف التتار، فقتلوا أكثرهم وأسروا الباقين، ولم يفلت من التتار إلا الشريد، وهكذا حررت حمص بسرعة، واتجهت القوات الإسلامية إلى حلب، ففر منها التتار كالفئران المذعورة، وانطلق المسلمون خلفهم يقتلون ويأسرون، وسبحان مغير الأحوال! ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال! طهر المسلمون بلاد الشام بكاملها في غضون أسابيع قليلة جدًا، وعادت من جديد أرض الشام إلى ملك الإسلام والمسلمين، ونسأل الله ﷿ لها ولسائر بلاد المسلمين دوام التحرر والعزة.
ثم جاءت بعد ذلك خطوة هامة من أعظم خطوات قطز ﵀، فقد أعلن قطز ﵀ بعد هذا الانتصار المهيب توحيد مصر والشام من جديد في دولة واحدة تحت زعامته، وذلك بعد عشر سنوات كاملة من الفرقة والشتات، منذ وفاة نجم الدين الصالح أيوب ﵀ في سنة (٦٤٨هـ)، حيث انفصل في ذلك الوقت الشام عن مصر، حتى عاد الآن قطز ﵀ ليوحدهما.
والشام يضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، فضم الشام إلى مصر، وأصبحا دولة واحدة، وخطب لـ قطز ﵀ على المنابر في كل المدن المصرية والشامية، حتى خطب له في أعالي بلاد الشام، وفي المدن التي حول نهر الفرات، وعاش المسلمون أيامًا من أسعد أيامهم.
11 / 6