The Tatars from the Beginning to Ain Jalut
التتار من البداية إلى عين جالوت
Géneros
احتلال التتار لمازندران والري وقزوين وأرمينيا والكرج
عادت الفرقة التترية الخاصة من شاطئ بحر قزوين إلى بلاد مازندران فملكوها في أسرع وقت، مع حصانتها وصعوبة الدخول إليها وامتناع قلاعها، مع أنها كانت من أشد بلاد المسلمين قوة، حتى أن المسلمين لما ملكوا بلاد الأكاسرة أيام عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه من أدناها إلى أقصاها ما استطاعوا أن يدخلوا مازندران، ولم يدخلوها إلا في زمان سليمان بن عبد الملك ﵀ الخليفة الأموي المعروف، ولكن التتار دخلوها بسرعة عجيبة جدًا لا لقوتهم ولكن لضعف نفسيات أهلها في ذلك الوقت، ولما دخلوها فعلوا بها ما فعلوه في غيرها، فقتلوا وعذّبوا وسبوا ونهبوا وأحرقوا البلاد والعباد، ثم اتجهوا إلى الري، وهي أيضًا مدينة إيرانية كبيرة، وكأن الله ﷿ أراد أن يتم الذلة لـ محمد بن خوارزم شاه حتى بعد وفاته، فقد وجد التتار في طريقهم من مازندران إلى الري والدة محمد بن خوارزم وزوجاته ومعهن الأموال الغزيرة والذخائر النفيسة التي لم يسمع بمثلها قبل ذلك، فأخذوا كل ذلك سبيًا وغنيمة، وأرسلوهم من فورهم إلى جنكيز خان المتمركز في سمرقند آنذاك.
ولما وصل التتار إلى الري ملكوها ونهبوها وسبوا النساء والأطفال، وفعلوا الأفعال التي لم يسمع بمثلها قبل ذلك، ثم فعلوا مثل ذلك في المدن والقرى المحيطة بها، حتى دخلوا مدينة قزوين فقتلوا من المسلمين فيها أربعين ألفًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم اتجهوا إلى غرب بحر قزوين إلى إقليم أذربيحان المسلم، ومروا في طريقهم على مدينة تبريز، وهي مدينة من مدن أذربيحان، وهي الآن من مدن إيران، فقرر زعيمها المسلم أوزبك بن البهلوان أن يصالح التتار على الأموال والثياب والدواب، ولم يفكر مطلقًا في حربهم، فقد كان لا يفيق من شرب الخمر ليلًا أو نهارًا، وكثير من زعماء المسلمين يشربون الخمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فرضي التتار منه بذلك؛ لأن الشتاء القارص كان قد دخل على هذه المنطقة، ثم اتجه التتار إلى الساحل الغربي لبحر قزوين، وتركوا تبريز إلى أجل، وبدءوا في اجتياح الناحية الشرقية لأذربيجان متجهين ناحية الشمال، وفي الطريق اجتاحوا وأرمينيا وجورجيا، وأرمينيا كانت مملكة يسكنها الكثير من النصارى، وأما جورجيا فقد كان يتجمع فيها قبائل الكرج، وهي قبائل نصرانية ووثنية، فقاتل التتار مملكتي أرمينيا والكرج، وانتهى القتال بهزيمة الكرج وأرمينيا، واجتاح التتار هذه البلاد وضموها في أملاكهم، وقُتل من الكرج في هذه الموقعة ما لا يحصى من العدد، فتعدى أمر التتار المسلمين إلى النصارى في أرمينيا والكرج.
وكل هذا الذي ذكرناه من الاسترقاق والقتل والسبي فعل الفرقة التترية الصغيرة، العشرون ألفًا الذين أطلقهم جنكيز خان خلف محمد بن خوارزم شاه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2 / 6