The Sufi Thought in Light of the Quran and Sunnah

Abdul Rahman bin Abdul Khaliq d. 1442 AH
157

The Sufi Thought in Light of the Quran and Sunnah

الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة

Editorial

مكتبة ابن تيمية

Número de edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Ubicación del editor

الكويت

Géneros

ذلك مفطورون عليه من حيث الأصالة، فما في الوجود شيء إلا هو يعبد الله بحاله ومقاله وفعاله، بل بذاته وصفاته، فكل شيء في الوجود مطيع لله تعالى، لقوله تعالى للسماوات والأرض ﴿ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين﴾ [الأحزاب: ٤] . وليس المراد بالسماوات إلا أهلها، ولا بالأرض إلا سكانه. وقال تعالى ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات: ٥٦] . ثم شهد لهم النبي ﷺ أنهم يعبدونه بقوله (كل ميسر لما خلق له) لأن الجن والإنس مخلوقون لعبادته وهم ميسرون لما خلقوا له، فهم عباد الله بالضرورة، ولكن تختلف العبادات لاختلاف مقتضيات الأسماء والصفات، لأن الله تعالى متجل باسمه المضل، كما هو متجل باسمه الهادي، فكما يجب ظهور أثر اسمه المنعم، كذلك يجب ظهور أثر اسمه المنتقم. واختلاف الناس في أحوالهم لاختلاف أرباب الأسماء والصفات، قال تعالى ﴿كان الناس أمة واحدة﴾ [البقرة: ٢١٣] . يعني عباد الله مجبولون على طاعته من حيث الفطرة الأصلية، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ليعبده من اتبع الرسل من حيث اسمه المضل، فاختلف الناس وافترقت الملل وظهرت النحل، وذهبت كل طائفة إلى ما علمته أنه صواب. ولو كان ذلك العلم عند غيرها خطأ ولكن حسنه الله عندها ليعبدوه من الجهة التي تقتضيها تلك الصفة المؤثرة في ذلك الأمر، وهذا معنى قوله ﴿ما من دابة في الأرض إلا هو آخذ بناصيتها﴾ [هود: ٥٦] . فهو الفاعل بهم على حسب ما يريد مريده، وهو عين ما اقتضته صفاته، فهو ﷾ يجزيهم على حسب مقتضى أسمائه وصفاته، فلا ينفعه إقرار أحد بربوبيته ولا يضره جحود أحد بذلك، بل هو ﷾ يتصرف فيهم على ما هو مستحق لذلك من تنوع عباداته التي تنبغي لكماله، فكل من في الوجود عابد لله تعالى، مطيع لقوله تعالى ﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ [الإسراء: ٤٤] .، لأن من تسبيحهم ما يسمى مخالفة ومعصية وجحودًا وغير ذلك، فلا يفقهه كل أحد، ثم إن النفي إنما وقع على الجملة، فصح أن يفقهه البعض؛ فقوله ﴿ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ [الإسراء: ٤٤] . يعني من حيث الجملة، فيجوز أن يفقهه بعضهم " (ص١٢٠) .

1 / 165