(^١) ثم بعد البعثة تنوعت صور الوحي إما بالرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ، أو بمَا كَانَ يُلْقِيهِ الْمَلَكُ في رُوعِهِ وقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ، أو يَتَمَثَّلُ لَهُ المَلَكُ رَجُلًا، فيُخَاطِبُهُ حتَّى يَعِي عَنْهُ ما يَقُولُ لهُ، أو يَأْتِيهِ الوحي في مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وكَانَ أشَدُّهُ عَلَيْهِ، فيَتَلَبَّسُ بِهِ المَلَكُ حتَّى إِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا في اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، وحتَّى إِنَّ نَاقَتَهُ لَتَبْرُكُ بِهِ إِلَى الأَرْضِ إِذَا كَانَ رَاكِبَهَا، ولَقَدْ جَاءَهُ ﷺ الوَحْيُ كَذَلِكَ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَتْ تَرُضُّهَا. وكَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخَافُ مِنْ نِسْيَانِ الوَحْي، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ. . فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ أي: جَمْعَهُ في صَدْرِكَ وَتَقْرَأهُ،. . ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾. .، أي: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأنْصِتْ، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾، بأَنْ تَقْرَأَهُ. (^٢) وفيه كان يُمْكِنُهُ رُؤيةُ الكعبةِ، فيجتَمِعُ لِمنْ يَخْلُو فيه ثلاثُ عِبَادَاتٍ: الخَلْوة، والتَّعَبُّدُ، والنَّظَرُ إلى البيتِ. (^٣) أَي يفعل فعلا يطْرَح عَنهُ الْحِنْث أَي الْإِثْم. فإذا قضى شهره ذاك (رمضان) انصرف إلى الكعبة فطاف بها سبعًا ثم عاد إلى بيته. (^٤) في بعض مروايات السير أن خديجة ﵂ خرجت معه إلى الغار في السنة التي بعث فيها: (حَتَّى إذَا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ مَا أَرَادَ مِنْ كَرَامَتِهِ، مِنْ السّنة الَّتِي بَعثه اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، وَذَلِكَ الشَّهْرُ شَهْرُ رَمَضَانَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى حِرَاءٍ، كَمَا كَانَ يَخْرُجُ لِجِوَارِهِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ). (^٥) أَيْ: الْأَمْر الْحَقّ، وَسُمِّيَ حَقًّا لِأَنَّهُ وَحْي مِنْ الله تَعَالَى. وكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ، لقَوْله تَعَالَى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ ولأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: "فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهُ أُنْزِلَ عَلَيَّ". (^٦) جاءت رواية مرسلة أن ذلك كان في منامه: "جَاءَنِي جِبْرِيلُ، وَأَنَا نَائِمٌ، بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ: اقْرَأْ .. ". (^٧) أَيْ: ضَمَّنِي وَعَصَرَنِي، وَالْغَطُّ: حَبْسُ النَّفَسِ. (^٨) غَطُّونِي بِالثِّيَابِ وَلُفُّونِي بِهَا. (^٩) الخوف. (^١٠) الكَلُّ: الثقيل من كل شيء في المؤُونة والجسم. واليتيم، ومن لَا يقدر على الْعَمَل، ومَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِأَمْرِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾. (^١١) تُكسب الفقير مالًا. (^١٢) تكرم. (^١٣) تعين الناس في حاجاتهم ومصائبهم.
1 / 192