163
ولادة رسول الله محمد ونشأته وُلد محمد ﷺ في عام الفيل، وهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ، بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ، بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ، بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ، بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ، بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ، بْنِ مُضَرَ، بْنِ نِزَارِ، بْنِ مَعَدِّ، بْنِ عَدْنَانَ. وهو مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ والْمَاحِي، الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِه الْكُفْرَ، وَالْحَاشِرُ، الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِه، وَالْمُقَفِّي والْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلَاحِمِ والنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وخاتم النبيين. وقد ولد ﵊ في مكة يوم الإثنين من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بثلاث وخمسين سنة (٥٣ ق هـ - ٥٧١ م تقريبًا) وحَبَسَ اللهُ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ عام مولده ﷺ، ومات أبوه عبدالله وهو حمل (^١)، وخُتِنَ يَوْمَ سَابِعِهِ عَلَى يَدِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، وَكَانَتْ هَذِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ، وعَقَّ عَنْهُ بِكَبْشٍ، وجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وسَمَّاهُ مُحَمَّدًا (^٢). وأرضعته أُمُّهُ آمِنَةُ، ثُمَّ أرْضَعَتْهُ ثُوَيْبَةُ مَوْلاةُ أبي لهَبٍ (^٣)، ثم حليمة السعدية ورأت بركته عليها وعلى أهلها، حتَّى بَلَغَ ﷺ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا لا يَشِبُّهُ الغِلْمَانُ، وَلَمَّا بَلَغَ أرْبَعَ سِنِينَ كَانَ يَغْدُو مَعَ أَخِيهِ وأُخْتِهِ فِي الْبَهْمِ، ولَمَّا بَلَغَ ﷺ سِتَّ سِنِينَ تُوُفِّيَتْ وَالِدَتُهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ بِالْأَبْوَاءَ، وهِيَ رَاجِعَةٌ بِهِ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ زِيَارَةٍ قَامَتْ بِهَا مَعَهُ ﷺ إلَي أَخْوَالِ جَدِّهِ عَبْدِالمُطَّلِبِ بِالْمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ. فكفله جده عبدالمطلب حتى كان عُمُرُ النَبيِّ ﷺ ثَمَانِ سِنِينَ، ثم مات عبدالمطلب وأَوْصَى عند موته وَلَدَهُ أبَا طَالِبٍ (^٤) بِكَفَالَةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَحِفْظِهِ، وحِيَاطَتِهِ؛

(^١) خَرَجَ عَبْدُاللَّهِ بنُ عَبْدِالمُطَّلِبِ إِلَى الشَّامِ في عِيرٍ فَفَرَغُوا مِنْ تِجَارَاتِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَمَرُّوا بالمَدِينَةِ وعَبْدُاللَّهِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ، فمكث عِنْدَ أخْوَالِ أبيه بَنِي عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ، فأقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا ثم تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وكَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ حَمْلًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ، ابنَ شَهْرَيْنِ. وَجَمِيعُ مَا خَلَّفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَمْسَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَقِطْعَةَ غَنَمٍ، وَجَارِيَةً حَبَشِيَّةً اسْمُهَا: "بَرَكَةُ" وَهِيَ أُمُّ أَيْمَنَ ﵂. (^٢) وألهَمَهُمُ اللَّه ﷿ أن سمُّوه محمدًا؛ لما فيه من الصِّفات الحَمِيدة؛ ليَلْتَقِي الاسم والفعل، ويتطابَقَ الاسم والمُسَمَّى في الصُّورة والمعنى، كما قال حسَّان بن ثابت ﵁: وشَقَّ لهُ مِنِ اسمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فذُو العرشِ مَحْمُودٌ وهذا محمدُ (^٣) فَكانَ الرَّسُولُ ﷺ، وعَمُّهُ حَمْزَةُ، وأبُو سَلَمَةَ إِخْوَةً مِنَ الرَّضَاعَةِ. (^٤) واسمُهُ عَبْدُمَنَافٍ.

1 / 181