قصة الحضارة

Will Durant d. 1402 AH
84

قصة الحضارة

قصة الحضارة

Editorial

دار الجيل

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

عاملًا جديدًا؛ فجعلت نظام الزوجة الواحدة في أوربا- بدل تعدد الزوجات- هو النظام الذي يرتضيه القانون، وهو الصورة التي تظهر فيها العلاقة الجنسية؛ لكن نظام الزوجة الواحدة- شأنه شأن الكتابة ونظام الدولة- نظام صناعي نشأ والمدنية في وسطى مراحلها، وليس هو بالنظام الطبيعي الذي يتصل بالمدنية في أصول نشأتها. ومهما يكن أمر الصورة التي يتخذها الزواج فقد كان إجبارًا بين الشعوب البدائية كلها تقريبًا، ولم يكن للرجل الأعزب منزلة في المجتمع، أو عُدَّ مساويًا لنصف رجل فحسب. كذلك كان إجبارًا على الرجل أن يتزوج من غير عشيرته. ولسنا ندري إن كانت هذه العادة قد نشأت لأن العقل البدائي داخله الشك فيما يترتب على زواج الأقارب من سوء النتائج أو لأن التصاهر بين الجماعات أوجد تحالفًا سياسيًا مفيدًا بينها، أو زاد هذا التحالف قوة إن كان موجودًا بالفعل، وبهذا زاد التنظيم الاجتماعي تقدمًا وقللَ من أخطار الحروب؛ أو لأن انتزاع زوجة من قبيلة أخرى قد أصبح معدودًا بين الناس من علامات الرجولة التي اكتمل نضوجها؛ أو لأن نشأة الصبي بين قريباته يقلل من قيمتهن في عينه، وبُعدَ القريبات عنه يزيد في سحرهن؛ وعلى كل حال فقد كان هذا التحديد في اختيار الزوجة عامّا شاملا لكل الجماعات الأولى تقريبًا؛ وعلى الرغم من أن الفراعنة والبطالسة والإنكا قد وُفّقوا إلى تحطيمه بأن أقبلوا على الزواج الأخ بأخته، إلا أنه ظل قائمًا بين الرومان كما يعترف به القانون الحديث؛ وهذا التقليد لا يزال له أثره في سلوكنا- عن شعور أو لا شعور- حتى يومنا هذا. فكيف كان يتاح للرجل أن يظفر بزوجته من قبيلة أخرى؟ لما كانت الأسرة التي ترأسها الأم هي النظام السائد، كان يطلب إلى الزوج في كثير من الحالات أن يعيش مع عشيرة المرأة التي أراد زواجها؛ فلما تطور نظام الأسرة الأبوية، سمح للخطيب أن يأخذ عروسه معه إلى عشيرته، على شرط أن يقيم

1 / 73