151

قصة الحضارة

قصة الحضارة

Editorial

دار الجيل

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

والحركات التي تذكر بما لها من تناسق ورشاقة؛ أو قد يكون الشكل الممتع هو صورة الذكر المطلوب؛ ومن الجاذبية التي تجذب ضعف الإنسان نحو عبادة القوة يأتي إحساسنا بروعة الفخامة - فتطمئن نفوسنا في حضرة القوة - وهو إحساس يخلق أرفع آيات الفن جميعًا؛ وأخيرًا قد تصبح الطبيعة نفسها - بمعونة منا - فخمة وجميلة في آن معًا، لا لأنها تشبه وتوحي برقة المرأة كلها وقوة الرجل كلها فحسب، بل لأننا نخلع عليها مشاعرنا وما أصبناه من حظوظ، وحبنا لأنفسنا ولغيرنا - فنحن نستمتع فيها بمدارج صبانا، ونستمتع فيها بالعزلة الهادئة لأنها مهرب من عاصفة الحياة؛ ونحيا معها في تقلّب فصولها الذي يكاد أن يكون إنساني المراحل: فيفاعة نضيرة، ونضج متّقد، وإثمار يانع، ثم انحلال بارد؛ ونرى فيها على نحو غامض أما وهبتنا الحياة، وستتقبلنا عند الموت.
الفن هو إبداع الجمال، هو التعبير عن الفكر أو الشعور في صورة تبدو جميلة أو فخمة، فتثير فينا هزة هي هزة الفرح الفطريّ التي تثيرها المرأة في الرجل، أو الرجل في المرأة؛ وقد يكون الفكر إدراكا لمعنى من معاني الحياة كائنًا ما كان، وقد يكون الشعور إثارة أو استرخاء لوتر مشدود من أوتار الحياة كائنًا ما كان؛ وقد تبعث الصورة الفنية في أنفسنا الرضى لما فيها من تناسق دَورِىّ يسرنا لأنه يتجاوب في طبائعنا مع نوبات الأنفاس، ونبضات الدم؛ وتداول الشتاء والصيف على نحو يبعث على الإجلال، وتعاقب الجزر والمد والليل والنهار؛ أو قد تبعث الصورة الفنية في أنفسنا الرضى لما فيها من تماثل هو بمثابة الوزن في الشعر قد تمجد، يمثّل القوة أمام أبصارنا، ويصوّر لنا التناسب المنتظم في النبات والحيوان، وفي النساء والرجال؛ أو قد تحدث الصورة الفنية في أنفسنا الرضى لألوانها التي تضيء الروح بضيائها أو تعمق بالحياة من السطح إلى الغزير؛ وأخيرًا قد تبعث الصورة الفنية في أنفسنا الرضى لما فيها من صدق، إذ ترى فيها محاكاة واضحة ناصعة للطبيعة أو للواقع الخارجي، حين تلقف لمحة من جمال النبات أو الحيوان كان

1 / 141