47

The Siwak and the Sunnah of Fitrah - Al-Muqaddim

السواك وسنن الفطرة - المقدم

Géneros

حكم قص وتقصير شعر المرأة أما حكم قص المرأة لشعرها فهو من البلايا التي شاعت في هذا الزمان، بل من النساء من تبالغ في قصّ شعورهن حتى لا يفترقن عن الرجال! لكن في المسألة تفصيل: فذهب بعض العلماء إلى تحريم قص أو تقصير المرأة لشعرها، يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى: إن العرف الذي صار جاريًا في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله، بدعة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين، ونساء العرب من قبل. والكلام هنا في القص إذا لم يصل إلى حدّ اللمّة، واللمّة: ما ألمّ بالمنكبين من الشعر. أما القص إلى حد الوفرة فهذا غير جائز قطعًا. واستدل بعض العلماء على إباحة ذلك -أي: القصّ فوق اللمة- بما رواه مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة ﵂ أنا وأخوها من الرضاعة، فسألها عن غسل النبي ﷺ من الجنابة، فذكرت له ذلك، ثم قال الرواي: وكان أزواج النبي ﷺ يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة. قال النووي في شرح مسلم: يدل هذا الحديث على جواز تخفيف الشعر للنساء. وهذا المذهب ينتصر له الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى. وبعض الناس استأنسوا لحكم التقصير في جواز ذلك في النسك، وأن المرأة ما دامت يجوز لها أن تقصر في النسك، فيجوز لها خارج النسك، وهذا استئناس وليس استدلالًا. وقد ردّ الشيخ الشنقيطي ﵀ عن استدلال بعض العلماء بهذا الحديث الذي فيه: أن أزواج النبي ﷺ كُنّ يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة. حيث قال: إن هذا لا يحتمل أبدًا أن يكون وَقَع في حياة النبي ﵊؛ لضرورة التزين للزوج، أما بعد وفاة النبي ﵌ فهنّ كُنّ تجملن له في حياته، ومن أجمل زينتهن شعرهن، أما بعد وفاته ﷺ فلهن حكمٌ خاص بهن لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض، وهي انقطاع أملهن انقطاعًا كليًا من التزويج، ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع، فهنّ كالمعتدات المحبوسات بسببه ﵌ إلى الموت؛ لقول الله ﷿: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٥٣]. ثم قال: فمن قاس سائر النساء على أمهات المؤمنين في هذه المسألة فهذا قياس مع الفارق؛ لأن هذا حكم خاص بأمهات المؤمنين لا يدخل فيه غيرهن، فهذا اليأس قد يكون سببًا للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب. ونفس التعليل ذكره أيضًا القاضي عياض ﵀ في هذا الحديث الذي رواه مسلم في أنّهن تركن التزيّن بعد وفاته ﵌. فإذا ترخصت المرأة، وأخذت بقول الفريق الذي يبيح القص، فلا تبالغ في القص حتى تقص مادون المنكبين، إلا إذا كان هناك عذر من مرض أو غير ذلك، والله تعالى أعلم.

4 / 7